تخريج حديث الحلف بالأمانة و شرحه
قال صلى الله عليه وسلم:" ليس منا من حلف بالأمانة ..." الحديث
رواه احمد وابو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ورواه ابن حبان في صحيحة وصححه المنذري والهيثمي والألباني والأرنؤط .
============
ففي مسند أحمد ( ٢٨ / ٨٢ )
٢٢٩٨٠ - حدثنا وكيع، حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من حلف بالأمانة، ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا " (١)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن ثعلبة الطائي فقد روى له أبو داود وابن ماجه والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وهو ثقة.
وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" (٦٦٠٠) ، وابن حبان (٤٣٦٣) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (٣٢٥٣) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٣٤٢) ، والبيهقي في "السنن" ١٠/٣٠، وفي "شعب الإيمان" (١١١١٦) من طريق زهير بن معاوية، والبزار (١٥٠٠ - كشف الأستار) ، والحاكم ٤/٢٩٨ من طريق عبد الله بن داود، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ١٤/٣٥ من طريق مندل بن علي العنزي، ثلاثتهم عن الوليد بن ثعلبة الطائي، به. واقتصر أبو داود على قوله: "من حلف بالأمانة فليس منا". وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (٣٢١٩) ، و"إتحاف الخيرة" ١/٢٠٤، من طريق ليث بن أبي سليم، عن عثمان، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "الإتحاف" (٦٥٩٨) و (٦٥٩٩) من طريق ليث، عن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وليس في رواية الحارث بن أبي أسامة قوله: "ليس منا من حلف بالأمانة". ورواه معتمر بن سليمان كما في "تحفة الأشراف" ٢/٩٣ عن ليث، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، لم يذكر فيه ليث واسطة بينه وبين سليمان بن بريدة. قلنا: وليث بن أبي سليم سيئ الحفظ، وقد اضطرب فيه.
وأخرجه الدولابي في "الكنى" ٢/٣٧ من طريق جعفر بن زياد الأحمر، عن الوليد أبي عمارة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وليس فيه قوله: "ليس منا من حلف بالأمانة". قلنا: والوليد أبو عمارة لم نقع له على ترجمة في شيء من كتب الرجال التي بين أيدينا، إلا أن يكون هو الوليد بن ثعلبة الطائي نفسه، لكن لم يذكر أحد ممن ترجم له أنه يكنى أبا عمارة.
وقوله فيه: "سليمان بن بريدة" خطأ، فالحديث محفوظ عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، كذا رواه وكيع بن الجراح وزهير بن معاوية، عن الوليد بن ثعلبة الطائي، والله أعلم.
وفي باب قوله: "ومن خبب على امرىء زوجته، أو مملوكه، فليس منا" عن أبي هريرة، سلف برقم (٩١٥٧) ، وإسناده قوي، وانظر تتمة شواهده هناك.
وقوله: "ليس منا من حلف بالأمانة": قال الخطابي في "معالم السنن" ٤/٤٦: هذا يشبه أن تكون الكراهة فيه من أجل أنه أمر أن يحلف بالله وبصفاته، وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنهوا عنه لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصفاته.
وقوله: "خبب" أي: خدع وأفسد، وأصله من الخب، وهو الخداع والخبث والغش، ورجل خب -بكسر الخاء وفتحها-: خداع خبيث منكر.
=======
وفي سنن أبو داود
٣٢٥٣ - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا»
[قال الألباني] : صحيح في صحيح أبو داود ، وصححه أيضاً في ((السلسلة الصحيحة)) برقم (٩٤ و ٣٢٥).
قال في الصحيحة ( ١ / ١٩٦ ) :
٩٤ - " من حلف بالأمانة فليس منا ".
رواه أبو داود (٣٢٥٣) : حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحديث
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وابن بريدة اثنان: عبد الله
وسليمان، والأول أوثق وقد احتج به الشيخان.
وزهير هو ابن معاوية أبو خيثمة الكوفي وهو ثقة احتج به الشيخان أيضا.
ومثله أحمد بن يونس واسم أبيه عبد الله بن يونس.
والوليد بن ثعلبة وثقه ابن معين وابن حبان، وقد أخرج حديثه هذا في
" صحيحه " (١٣١٨) .
قال الخطابي في " معالم السنن " (٤ / ٣٥٨) تعليقا على الحديث:
" هذا يشبه أن تكون الكراهة فيها من أجل أنه إنما أمر أن يحلف بالله وصفاته،
وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنهوا عنه لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصفاته ".
٣٢٥ - " ليس منا من حلف بالأمانة، ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا ".
أخرجه أحمد (٥ / ٣٥٢) : حدثنا وكيع حدثنا الوليد بن ثعلبة عن عبد الله
بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وأخرجه ابن حبان (١٣١٨) من طريق وكيع به نحوه.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الوليد هذا وقد وثقه ابن معين وابن حبان، وقد صحح إسناده المنذري في " الترغيب " (٣ / ٩٣) .
(خبب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى معناه خدع وأفسد.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد :
٧٧٤٢ - عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من حلف بالأمانة ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا».
قلت: روى أبو داود منه النهي عن الحلف بالأمانة فقط.
رواه أحمد، والبزار، ورجاله رجال الصحيح خلا الوليد بن ثعلبة، وهو ثقة.
================
شرح سنن أبي داود للعباد
قال أبو داود في سننه باب :
كراهية الحلف بالأمانة
شرح حديث (من حلف بالأمانة فليس منا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كراهية الحلف بالأمانة.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من حلف بالأمانة فليس منا)].
قوله: [باب في كراهية الحلف بالأمانة] المقصود بالكراهية هنا: التحريم؛ لأنه قد أورد في الباب حديثا فيه الزجر والتحذير وبيان خطورة الحلف بالأمانة، فهو على هذا محرم، وكل حلف بغير الله فهو محرم؛ لأن الحلف إنما يكون بالله وبأسمائه وصفاته، ولا يحلف بغيره، كما سبقت الأحاديث في ذلك، وقد جاء في بعضها أن ذلك شرك، ومن ذلك ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لئن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أحلف بغيره صادقا)، وذلك أن الذنب الذي يوصف بأنه شرك يكون أخطر من غيره، وإن كان شركا أصغر، كالحلف بغير الله.
وقد أورد حديث بريدة: (من حلف بالأمانة فليس منا)، وهذا يدل على تحريمه، وأنه أمر خطير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بالأمانة فليس منا)، أي: أن هذا ليس من شأن المسلمين, وليس من عمل المسلمين، ومن فعل ذلك فليس على طريقتنا ولا على منهجنا وسنتنا، وإنما هو متشبه بغيرنا، وهذا لا يدل على أنه خرج من الإسلام، وإنما يدل على الزجر من هذا العمل.
والحاصل: أن الحلف بالأمانة فيه زجر شديد؛ لأن الحلف بالأمانة حلف بغير الله، وكل حلف بغير الله فإنه لا يجوز، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)، فقوله: (ولا تحلفوا إلا بالله) فيه قصر الحلف على أن يكون بالله، أي: بأسمائه وصفاته، ولا يكون بغيره؛ لا بالأمانة ولا بالآباء ولا الأمهات، ولا بحياة إنسان، ولا بشرفه، ولا بأي شيء آخر، بل كل حلف يجب أن يكون بالله عز وجل، كما سبق في قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت).
تراجم رجال إسناد حديث (من حلف بالأمانة فليس منا)
قوله: [حدثنا أحمد بن يونس].
أحمد بن يونس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير].
هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي].
الوليد بن ثعلبة الطائي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن ابن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
معنى الكراهة عند المتقدمين
تعبير المصنف بالكراهة هو على طريقة المتقدمين أن الكراهة يراد بها: التحريم، كما قال الله عز وجل: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [الإسراء:٣٨]، فإن الله عز وجل ذكر قبل هذه الآية جملة من الذنوب الكبيرة التي منها الزنا وقتل النفس، وقتل الأولاد، وأكل مال اليتيم، وغير ذلك من الأمور المحرمة، ثم ختم بقوله: {كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها} [الإسراء:٣٨].
راجع تتمة كلام الشيخ العباد على الحديث ففيه فوائد ( ٣٧٤ / ١٦ )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق