الاثنين، 4 يناير 2021

مقال قد يغير مسيرة حياتك ( صناعة النجاح )

مقال قد يغير مسيرة حياتك


يقول احد المرتبين في حياتهم اليومية قبل 22 عاما تعلمت درسا مهما في 


صناعة النجاح : 


وهو أن النجاح لا يتعلق بالكمية بقدر ما يتعلق بالاستمرارية..

 لا يتعلق بالمجهود الضخم والهدف النهائي بقدر ما يتعلق بخلق عادة يومية سهلة تستمر معنا طوالالعمر..

قررت خلق عادة يومية ناجحة دون حمل هم النجاح ذاته

 

لا تشغل بالك بحفظ القرآن كاملا بل بحفظ أيه أو أيتان في اليوم فقط.

 - لا تشغل بالك بالحصول على جسد رشيق بل بتخصيص نصف ساعة يومية لممارسة الرياضة


لا تشغل بالك بإتقان لغة جديدة بل بحفظ خمس كلمات يومية



• فالعمر ببساطة يمضى بسرعة وحين تستمروتداوم ] على أي عادة ناجحة ستفاجأ بعد عام أو عامين أنكليس فقط حققت هدفك - بل وتجاوزته بأشواط عديدة [ الأمر الذي سيفاجئك أنت شخصيا قبل أي إنسانآخر ]!! 


لنفترض أنك قررت تخصيص ساعة يومية لفعل ثلاثة أشياء أساسية:


1- ربع ساعه لحفظ القرآن.

2- نصف ساعة لرياضة المشي يوميا

3- ربع ساعة لحفظ خمس كلمات انجليزية لتطوير لغتك واستخدامها وتطبيقها 


وبعد سنوات قليلة

 [ تمر بغمضة عين ] :  

ستتفاجأ بحفظ القرآن،وامتلاك لياقة بدنية ، والتحدث بلغة العالم

وكلها ساعة من نهار لا تقارن بضياع 23 ساعة من يومك ! 


القضية باختصار أن الإنجاز الناجح لا يتطلب التفكير بالحجم أو الهدف النهائيبل إن مجرد التفكير بهماوبكيفية حفظ كتاب الله و تعلم لغة والرياضة في آن واحد قد يحبطك فتفشل قبل أن تبدأ.


الإنجاز الناجح ببساطة يتطلب :  

خلق عادة يومية ناجحة ] تنتهي بمراكمة النتائج وتحقيق هدف أكبر وأعظم مما توقعت أصلا!!


هل ترغب باختصار المقال بخمس كلمات فقط!؟


أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل]





الأحد، 3 يناير 2021

شبه حول عاشوراء



كل اشكالات عاشوراء ناقشها ابن القيم فى زاد المعاد وفاق فيها الاقران والاضراب رحمه الله انظر :

الهدي لابن القيم
(2/66-77 )

فتح الباري لابن حجر
(4/245-249)

لطائف المعارف لابن رجب
( 102-110)


 السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 



و هل شبه الروافض و اعداء الاسلام تنتهي ؟!! 



و هذه الشبهه رد عليها القائمون على موقع الاسلام سؤال و جواب 

أسأل الله أن يحفظهم و أن يجعلنا و اياهم ممن ينصر دينه و يرد عنه شبهات الزنادقه

هنا الرد على هذه الشبهه 



السؤال



هل يوم عاشوراء الذي نصومه ليس اليوم الصحيح ؟ لأنني قرأت أن اليوم الصحيح هو اليوم العاشر من شهر تشري حسب التقويم العبراني ، وأن خلفاء بني أمية هم من غيَّروه إلى اليوم العاشر من شهر محرم - شهر تشري هو الشهر الأول حسب تقويم اليهود 



الجواب 



الحمد لله

1. صيام عاشوراء الذي نصومه في العاشر من شهر محرَّم هو اليوم الذي نجَّى الله تعالى فيه موسى عليه السلام ، وهو اليوم الذي كان قد صامه طائفة من يهود في المدينة لأجل ذلك ، وهو اليوم الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصومه أولَ الأمر ، ثم نُسخ الوجوب بفرض صيام رمضان ، وصار صيام عاشوراء على الاستحباب .


ودعوى أن بعض خلفاء بني أمية هم الذين جعلوه في محرَّم : دعوى رافضية ، وهي جزء من سلسلة أكاذيبهم ، التي بنوا عليها دينهم ، وجزء من عقدتهم في نسبة كل شرٍّ لخلفاء بني أمية ، ولعصرهم ، ولو أراد الأمويون وضع الأحاديث المكذوبة ، ونسبتها للشرع المطهر : لوضعوا أحاديث في أن يكون يوم عاشوراء عيداً ! وليس يوم صيام ، يَمنع الإنسان نفسه عن الأكل ، والشرب ، والجماع ، فالصيام عبادة إمساك عن مباحات ، والعيد للفرح في تناولها وفعلها . 

2. لا شك أن مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً كان في ربيع أول ، ولم يكن في محرَّم ، وقد رأى طائفة من اليهود يصومون ، ولما سألهم عن صيامهم هذا قالوا : إنه يومٌ نجَّى الله فيه موسى ومن معه من الغرق ، فنحن نصومه شكراً لله .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ : ( أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) .
رواه البخاري ( 3216 ) .
فهل كانت هذه الرؤية لليهود أول قدومه المدينة في ربيع الأول أم بعدها في شهر " محرَّم " ؟ .
قولان لأهل العلم ، والراجح : أن تلك الرؤية ، وذلك الحوار ، وهذا الأمر بالصيام : كان في شهر الله المحرَّم ، أي : في العام الثاني من مقدمه صلى الله عليه وسلم ، ويكون اعتماد اليهود – على هذا – على الأشهر القمرية في الحساب .
قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله - :
وقد استشكل بعضُ الناس هذا ، وقال : إنما قَدِمَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ في شهر ربيع الأول ، فكيف يقولُ ابن عباس : إنه قدم المدينة ، فوجد اليهود صُيَّاماً يومَ عاشوراء؟.
وقال – رحمه الله - :
أما الإشكالُ الأول : وهو أنَّه لما قَدِمَ المدينة وجدهم يصُومون يومَ عاشوراء : فليس فيه أن يومَ قدومِه وجدَهم يصومُونه ، فإنه إنما قَدِمَ يومَ الاثنين فى ربيع الأول ثاني عشرة ، ولكن أول علمه بذلك بوقوع القصة فى العام الثاني الذي كان بعد قدومه المدينة ، ولم يكن وهو بمكة ، هذا إن كان حسابُ أهل الكتاب فى صومه بالأشهر الهلالية .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 2 / 66 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وقد استُشكل ظاهر الخبر ؛ لا قتضائه أنه صلى الله عليه وسلم حين قدومه المدينة وجد اليهود صيَّاماً يوم عاشوراء ، وإنما قدم المدينة في " ربيع الأول " ، والجواب عن ذلك : أن المراد : أن أول علمه بذلك ، وسؤاله عنه : كان بعد أن قدم المدينة ، لا أنه قبل ن يقدمها علمَ ذلك ، وغايته : أن في الكلام حذفاً تقديره : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ فأقام إلى يوم عاشوراء ، فوجد اليهود فيه صيَّاماً .
" فتح الباري " ( 4 / 247 ) .
3. وهل كان حساب اليهود لصومهم ذاك بالأشهر القمرية ، أم بالشمسية ؟ .
أما إن قلنا كان حسابهم بالقمرية – كما سبق - : فلا إشكال ، حيث العاشر من محرَّم لا يتغير كل عام ، وأما مع القول بأن الحساب كان بالشمسية : فيكون ثمة إشكال ؛ حيث إن هذا اليوم سيتغير كل عام ، ولن يكون دائم الثبوت في يوم العاشر من محرَّم .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله ذلك الخلاف ، وبيَّن أنه على القول بأن حسابهم كان بالأشهر الشمسية : فتكون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لليهود يصومون ذلك اليوم : هو في ربيع أول ، أول مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة ، ويكون حسابهم بالشمسي موافقاً لذلك المقدم ، وأما حقيقة اليوم الذي نجى الله فيه موسى فهو العاشر من محرَّم ، لكن ضبطهم لهم بالشمسي جعلهم يخطؤون في تعيينه .
قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله - :
وإن كان بالشمسية : زال الإشكالُ بالكلية ، ويكونُ اليومُ الذى نجَّى الله فيه موسى هو يوم عاشوراء من أول المحرَّم ، فضبطه أهلُ الكتاب بالشهور الشمسية ، فوافق ذلك مقدَم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة في ربيع الأول ، وصومُ أهلِ الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس ، وصومُ المسلمين إنما هو بالشَّهر الهلالي ، وكذلك حَجُّهم ، وجميع ما تُعتبر له الأشهر من واجب ، أو مُستحَبٍّ ، فقال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم ) ، فظهر حكمُ هذه الأولوية في تعظيم هذا اليوم ، وفي تعيينه ، وهم أخطؤوا تعيينه ؛ لدورانه في السنة الشمسية ، كما أخطأ النصارى فى تعيين صومهم بأن جعلوه فى فصل من السنة تختلِف فيه الأشهر .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 2 / 69 ، 70 ) .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا التأويل احتمالاً ، وردَّ عليه ، وردَّ على ابن القيم ترجيحه له .
قال – رحمه الله - :
قال بعض المتأخرين : يَحتمل أن يكون صيامهم كان على حساب الأشهر الشمسية ، فلا يمتنع أن يقع عاشوراء في ربيع الأول ، ويرتفع الإشكال بالكلية ، هكذا قرره ابن القيم في " الهدي " ، قال : " وصيام أهل الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس " ، قلت : وما ادَّعاه من رفع الإشكال عجيب ؛ لأنه يلزم منه إشكال آخر ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين أن يصوموا عاشوراء بالحساب ، والمعروف من حال المسلمين في كل عصر في صيام عاشوراء : أنه في " المحرَّم " ، لا في غيره من الشهور " نعم وجدت في " الطبراني " بإسناد جيد عن زيد بن ثابت قال : " ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقول الناس ، إنما كان يوم تستر فيه الكعبة ، وتقلس فيه الحبشة - أي : نلعب بالسيوف ونحوها من آلات الحرب - ، وكان يدور في السنَة ! وكان الناس يأتون فلاناً اليهودي يسألونه فلما مات أتوا زيد بن ثابت فسألوه " .
فعلى هذا : فطريق الجمع أن تقول : كان الأصل فيه ذلك ، فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء : ردَّه إلى حكم شرعه ، وهو الاعتبار بالأهلة ، فأخذ أهل الإسلام بذلك ، لكن في الذي ادعاه أن أهل الكتاب يبنون صومهم على حساب الشمس : نظر ؛ فإن اليهود لا يعتبرون في صومهم إلا بالأهلة ، هذا الذي شاهدناه منهم ، فيحتمل أن يكون فيهم من كان يعتبر الشهور بحساب الشمس ، لكن لا وجود له الآن ، كما انقرض الذين أخبر الله عنهم أنهم يقولون " عزير " ابن الله ! تعالى الله عن ذلك .
" فتح الباري " ( 7 / 276 ) ، وينظر أيضاً ( 4 / 247 ).
وفي موضع آخر من " فتح الباري " قال الحافظ ابن حجر تعليقاً على أثر الطبراني :
ظفرتُ بمعناه في كتاب " الآثار القديمة " لأبي الريحان البيروني ، فذكر ما حاصله : أن جهلة اليهود يعتمدون في صيامهم ، وأعيادهم ، حساب النجوم ، فالسنَة عندهم شمسية ، لا هلالية ، قلت : فمِن ثمَّ احتاجوا إلى من يعرف الحساب ليعتمدوا عليه في ذلك .
" فتح الباري " ( 4 / 247 ، 248 ) .
وأما أثر زيد بن ثابت الذي ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وأجاب عنه ، فقد تكلم الحافظ ابن رجب رحمه الله من حيث الإسناد والمتن . 
قال رحمه الله : 
وهذا فيه إشارة إلى أن عاشوراء ليس هو في " المحرَّم " ، بل يُحسب بحساب السنَة الشمسية ، كحساب أهل الكتاب ، وهذا خلاف ما عليه عمل المسلمين قديماً ... وابن أبي الزناد لا يُعتمد على ما ينفرد به ، قد جعل الحديث كلَّه عن زيد بن ثابت ، وآخره لا يصلُح أن يكون من قول زيد ، فلعله من قول من دونه ، والله أعلم .
" لطائف المعارف " ( ص 53 ) .
4. وقد يسأل سائل فيقول : كيف صدَّق النبي صلى الله عليه وسلم اليهودَ في كون يوم عاشوراء هو الذي نجَّى فيه موسى ومن معه ؟ وهو ما يسأله الرافضة بخبث ومكر ليتوصلوا به إلى الطعن في أحاديث الترغيب بصيام عاشوراء ، ليسلم لهم ادعاؤهم بأن هذا من بدع الأمويين ! .
قال المازري رحمه الله في ذلك الإشكال وجوابه :
" خبر اليهود غير مقبول ؛ فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه بصدقهم فيما قالوه ، أو تواتر عنده النقل بذلك ، حتى حصل له العلم به " انتهى.
نقله النووي في" شرح مسلم " ( 8 / 11 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإذا كان أصل صومه لم يكن موافقاً لأهل الكتاب : فيكون قوله ( فنحن أحق بموسى منكم ) تأكيداً لصومه ، وبياناً لليهود أن الذي تفعلونه من موافقة موسى : نحن أيضا نفعله ، فنكون أولى بموسى منكم .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 174 ) .
5- مما ينبغي أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به ، ويدخل في ذلك : صيام عاشوراء .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ
رواه البخاري ( 3728 ) .
ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه روى هذا الحديث بعد حديثيْ أبي موسى ، وابن عباس رضي الله عنهما في صيام عاشوراء .
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله : 
وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم له يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم عليه ، كما وافقهم على أنْ حجَّ معهم على ما كانوا يحجُّون - أعني : حجته الأولى التي حجها قبل هجرته ، وقبل فرض الحج- ؛ إذ كل ذلك فعل خيرٍ .
ويمكن أن يقال : أذن الله تعالى له في صيامه ، فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه ، فسألهم عن الحامل لهم على صومه ؟ فقالوا ما ذكره ابن عباس : إنه يوم عظيم ، أنجى الله فيه موسى وقومَه ، وغرَّق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فنحن أحق وأولى بموسى منكم ) ؛ فحينئذ صامه بالمدينة ، وأمر بصيامه ، أي : أوجب صيامه ، وأكَّد أمره ؛ حتى كانوا يُصوِّمون الصغار ، فالتزمه صلى الله عليه وسلم ، وألزمه أصحابه ، إلى أن فُرض شهرُ رمضان ، ونُسخ صومُ يوم عاشوراء ، فقال إذ ذاك : ( إن الله لم يكتب عليكم صيام هذا اليوم ) ، ثم خَيَّر في صومه وفطره ، وأبقى عليه الفضيلة بقوله : ( وأنا صائم ) ، كما جاء في حديث معاوية .
وعلى هذا : فلم يصم النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء اقتداء باليهود ؛ فإنه كان يصوم قبل قدومه عليهم ، وقبل علمه بحالهم ، لكن الذي حدث له عند ذلك إلزامه والتزامه استئلافًا لليهود ، واستدراجًا لهم ، كما كانت الحكمة في استقباله قبلتهم ، وكان هذا الوقت هو الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحبُّ فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنه عنه .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 3 / 191 ، 192 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وعلى كل حال : فلم يصمْه – صلى الله عليه وسلم - اقتداء بهم – أي : باليهود - ؛ فإنه كان يصومه قبل ذلك ، وكان ذلك في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه .
" فتح الباري " ( 4 / 248 ) .
6. مر بنا في كلام أهل العلم ما يدل على أن يوم " عاشوراء " كان معروفاً عند قريش ، وعند النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ، وكانوا يعظمونه ، بل كانوا يصومونه ، وقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم معهم ، وكانوا يكسون فيه الكعبة ، فأين الادعاء الباطل أن " عاشوراء " بدعة أموية مع كل هذا ؟! . وقد ورد التصريح بذلك في أحاديث صحيحة ثابتة :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ : ( مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ ) .
رواه البخاري ( 1794 ) ومسلم ( 1125 ) – واللفظ له - .
عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَهُ وَالْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يُفْتَرَضَ رَمَضَانُ فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ عَاشُورَاءَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ ) .
رواه مسلم ( 1126 ) .
وذكرنا حديث ابن عمر ها هنا للرد على الرافضة ، ومن تبعهم على جهلهم ، من ادعائهم تفرد عائشة رضي الله عنها بذكر صيام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء في مكة .
قال ابن عبد البر – رحمه الله - :
وقد روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك مثل رواية عائشة ، رواه عبيد الله بن عمر ، وأيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال في صوم عاشوراء " صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه " .
" التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 7 / 207 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
والحاصل من مجموع الأحاديث : أن يوم عاشوراء كانت الجاهلية من كفار قريش ، وغيرهم ، واليهود ، يصومونه ، وجاء الإسلام بصيامه متأكداً ، ثم بقيَ صومه أخف من ذلك التأكد .
" شرح مسلم " ( 8 / 9 ، 10 ) .
وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
وقول عائشة رضي الله عنها : ( كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية ) : يدل على أن صوم هذا اليوم كان عندهم معلوم المشروعية ، والقدر ، ولعلهم كانوا يستندون في صومه : إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل ، صلوات الله وسلامه عليهما ؛ فإنهم كانوا ينتسبون إليهما ، ويستندون في كثير من أحكام الحج ، وغيره ، إليهما .
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 3 / 190 ، 191 ) .
وينظر في بيان أسباب صوم قريش ذلك اليوم : المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (11/339، 340)



7. وأخيراً ؛ فإن ما ذكرناه من صحيح السنة في فضل عاشوراء ، وأن صيامه يكفر سنة ، وأنه يوم ثابت في العاشر من محرم : كل ذلك لم ينفرد به أهل السنة ، بل قد جاء أيضاً في كتب الرافضة المعتمدة ! فكيف يلتقي هذا مع ادعائهم أن ما عندنا هو إسرائيليات ، وأخذ عن اليهود ، وافتراء أموي !!؟ .

1. يروى عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أن عليّاً عليهما السلام ! قال : " صوموا العاشوراء – هكذا - التاسع ، والعاشر ؛ فإنه يكفر ذنوب سنة " .

رواه الطوسي في " تهذيب الأحكام " ( 4 / 299 ) ، و " الاستبصار " ( 2 / 134 ) ، والفيض الكاشاني في " الوافي " ( 7 / 13 ) ، والحر العاملي في " وسائل الشيعة " ( 7 / 337 ) ، والبروجردي في " جامع أحاديث الشيعة " ( 9 / 474 ، 475 ) .
2. وروي عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال : " صام رسول الله صلى عليه وآله يوم عاشوراء " .
" تهذيب الأحكام " ( 4 / 29 ) ، و " الاستبصار " ( 2 / 134 ) ، و " الوافي " ( 7 / 13 ) ، و " وسائل الشيعة " ( 7 / 337 ) ، وهو في " جامع أحاديث الشيعة " ( 9 / 475 ) .
3. وروي عن جعفر عن أبيه عليه السلام أنه قال : " صيام يوم عاشوراء كفارة سنة " .
"تهذيب الأحكام " ( 4 / 300 ) ، و " الاستبصار " ( 2 / 134 ) ، و " جامع أحاديث الشيعة " ( 9 / 475 ) ، وهو في " الحدائق الناضرة " ( 13 / 371 ) ، و " الوافي " للكاشاني ( 7 / 13 ) ، والحر العاملي في " وسائل الشيعة " ( 7 / 337 ) .
4. وعن علي رضي الله عنه قال : " صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطاً ؛ فإنه كفارة السنة التي قبله ، وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم صومه " .
أخرج هذه الرواية : المحدث الشيعي حسين النوري الطبرسي في " مستدرك الوسائل " ( 1 / 594 ) ، والبروجردي في " جامع أحاديث الشيعة " ( 9 / 475 ) .
5. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إذا رأيت هلال المحرم : فاعدد ، فإذا أصبحت من تاسعه : فأصبِح صائماً قلت - أي : الراوي : كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وآله ؟ قال : نعم " .
أخرج هذه الرواية : الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس في كتابه " إقبال الأعمال " ( ص 554 ) ، والحر العاملي في " وسائل الشيعة " ( 7 / 347 ) ، والنوري الطبرسي في " مستدرك الوسائل " ( 1 / 594 ) ، و " جامع أحاديث الشيعة " ( 9 / 475 ) .
استفدنا هذه الروايات بتخريجاتها من كتاب " من قتل الحسين رضي الله عنه ؟ " تأليف : عبد الله بن عبد العزيز .


والله أعلم 



الإسلام سؤال وجواب





================

قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في لطائف المعارف :



و كان للنبي صلى الله عليه و سلم في صيامه أربع حالات :


الحالة الأولى : أنه كان يصومه بمكة و لا يأمر الناس بالصوم ففي الصحيحين [ عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية و كان النبي صلى الله عليه و سلم يصومه فلما قدم المدينة صامه و أمر بصيامه فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه فترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه و من شاء أفطره ] و في رواية للبخاري [ و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من شاء فليصمه و من شاء أفطر ]


الحالة الثانية : أن النبي صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة و رأى صيام أهل الكتاب له و تعظيمهم له و كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه و أمر الناس بصيامه و أكد الأمر بصيامه و الحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم ففي الصحيحين [ عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ قالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى و قومه و أغرق فرعون و قومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فنحن أحق و أولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أمر بصيامه ] و في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم بأناس من اليهود قد صاموا عاشوراء فقال : ما هذا من الصوم ؟ ! قالوا : هذا اليوم الذي نجى الله عز و جل موسى عليه السلام و بني إسرائيل من الغرق و غرق فيه فرعون و هذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصام نوح و موسى عليهما السلام شكرا لله عز و جل فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أنا أحق بموسى و أحق بصوم هذا اليوم فأمر أصحابه بالصوم [ و في الصحيحين ] عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر رجلا من أسلم : أن أذن في الناس : من أكل فليصم بقية يومه و من لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء [ و فيهما أيضا ] عن الربيع بنت معوذ قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة : من كان أصبح صائما فليتم صومه و من كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه [ فكنا بعد ذلك نصومه و نصوم صبياننا الصغار منهم و نذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار و في رواية فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة نلهيهم حتى يتموا صومهم و في الباب أحاديث كثيرة جدا و خرج الطبراني ] بإسناد فيه جهالة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدعو يوم عاشوراء برضعائه و رضعاء ابنته فاطمة فيتفل في أفواههم و يقول لأمهاتهم : لا ترضعوهم إلى الليل و كان ريقه صلى الله عليه و سلم يجزئهم [
و قد اختلف العلماء رضي الله عنهم هل كان صوم يوم عاشوراء قبل فرض شهر رمضان واجبا أم كان سنة متأكدة ؟ على قولين مشهورين و مذهب أبي حنيفة أنه كان واجبا حينئذ و هو ظاهر كلام الإمام أحمد و أبي بكر الأثرم و قال الشافعي رحمه الله بل كان متأكد الاستحباب فقط و هو قول كثير من أصحابنا و غيرهم


الحالة الثالثة : أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه و سلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء و تأكيده فيه و قد سبق حديث عائشة في ذلك و في الصحيحين ] عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صام النبي صلى الله عليه و سلم عاشوراء و أمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك ذلك و كان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه و في رواية لمسلم : إن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صامه و المسلمون قبل أن يفرض رمضان فلما فرض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه و من شاء تركه ] و في رواية له أيضا : [ فمن أحب منكم أن يومه فليصمه و من كره فليدعه ] و في الصحيحين أيضا [ عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : هذا يوم عاشوراء و لم يكتب الله عليكم صيامه و أنا صائم فمن شاء فليصم و من شاء فليفطر ] و في رواية لمسلم التصريح برفع آخره و في رواية للنسائي أن آخره مدرج من قول معاوية و ليس بمرفوع و في صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال في يوم عاشوراء : هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصومه قبل أن ينزل رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك و في رواية أنه تركه و فيه أيضا عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء و يحثنا عليه و يتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا و لم ينهنا عنه و لم يتعاهدنا عنده و خرج الإمام أحمد و النسائي و ابن ماجه [ من حديث قيس بن سعد قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان لم يأمرنا و لم ينهنا ] و في رواية : و نحن نفعله فهذه الأحاديث كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيام شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه فإن كان أمره صلى الله عليه و سلم بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ فهل يبقى الإستحباب أم لا ؟ و فيه اختلاف مشهور بين العلماء رضي الله عنهم و إن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل : إنه زال التوكيد و بقي أصل الإستحباب و لهذا قال قيس بن سعد : و نحن نفعله و قد روي عن ابن مسعود و ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على أن أصل استحباب صيامه زال و قال سعيد بن المسيب : لم يصم رسول الله صلى الله عليه و سلم عاشوراء و روي عنه عن سعد بن أبي وقاص و المرسل أصح قال الدارقطني
و أكثر العلماء على استحباب صيامه من غير تأكيد و ممن روي عنه صيامه من الصحابة عمر و علي و عبد الرحمن بن عوف و أبو موسى و قيس بن سعد و ابن عباس و غيرهم و يدل على بقاء استحبابه قول ابن عباس رضي الله عنهما : لم أر رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم يوما يتحرى فضله على الأيام إلا يوم عاشوراء و شهر رمضان و ابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه و سلم بآخرة و إنما عقل منه صلى الله عليه و سلم من آخر أمره و في صحيح مسلم [ عن أبي قتادة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن صيام عاشوراء ؟ فقال : أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ] و إنما سأله عن التطوع بصيامه فإنه سأله أيضا عن صيام يوم عرفة و صيام الدهر و صيام يوم و فطر يوم و صيام يوم و فطر يومين فعلم أنه إنما سأله عن صيام التطوع و خرج الإمام أحمد و النسائي [ من حديث حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يدع صيام يوم عاشوراء و العشر و ثلاثة أيام من كل شهر ] و خرجه أبو داود إلا أن عنده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم غير مسماة


الحالة الرابعة : أن النبي صلى الله عليه و سلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه ففي صحيح مسلم [ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين صام رسول الله صلى الله عليه و سلم عاشوراء و أمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود و النصارى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع ] قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و في رواية له أيضا [ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر ] يعني عاشوراء و خرجه الطبراني و لفظه إن عشت إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني عاشوراء و في مسند الإمام أحمد [ عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صوموا يوم عاشوراء و خالفوا اليهود صوموا قبله يوما و بعده يوما ] و جاء في رواية : [ أو بعده ] فإما أن تكون [ أو ] للتخير أو يكون شكا من الراوي : هل قال قبله أو بعده و روي هذا الحديث بلفظ آخر و هو : [ لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله و يوم بعده ] يعني عاشوراء و في رواية أخرى : [ لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع و لآمرن بصيام يوم قبله و يوم بعده ] يعني عاشوراء أخرجهما الحافظ أبو موسى المديني
و قد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال : أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء : خالفوا اليهود صوموا التاسع و العاشر قال الإمام أحمد أنا أذهب إليه و روي عن ابن عباس : أنه صام التاسع و العاشر و علل بخشية فوات عاشوراء و روى ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس : أنه كان يصوم عاشوراء في السفر و يوالي بين اليومين خشية فواته و كذلك روي عن ابن اسحاق أنه صام يوم عاشوراء و يوما قبله و يوما بعده و قال : إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتني و روي عن ابن سيرين أنه كان يصوم ثلاثة أيام عند الإختلاف في هلال الشهر احتياطا و روي عن ابن عباس و الضحاك أن يوم عاشوراء هو تاسع المحرم قال ابن سيرين : كانوا لا يختلفون أنه اليوم العاشر إلا ابن عباس فإنه قال : إنه التاسع و قال الإمام أحمد في رواية الميموني : لا أدري هو التاسع أو العاشر و لكن نصومهما فإن اختلف في الهلال صام ثلاثة أيام احتياطا و ابن سيرين يقول ذلك و ممن رأى صيام التاسع و العاشر : الشافعي رضي الله عنه و أحمد و اسحاق و كره أبو حنيفة إفراد العاشر بالصوم
و روى الطبراني من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه قال : ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقول الناس : إنما كان يوم تستر فيه الكعبة و تقاس فيه الحبشة عند النبي صلى الله عليه و سلم و كان يدور في السنة فكان الناس يأتون فلانا اليهودي يسألونه فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسألوه و هذا فيه إشارة إلى أن عاشوراء ليس هو في المحرم بل يحسب بحساب السنة الشمسية كحساب أهل الكتاب و هذا خلاف ما عليه عمل المسلمين قديما و حديثا و في صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعد من هلال المحرم ثم يصبح يوم التاسع صائما و ابن أبي الزناد لا يعتمد على ما ينفرد به و قد جعل الحديث كله عن زيد بن ثابت و آخره لا يصلح أن يكون من قول زيد فلعله من قول من دونه و الله أعلم و كان طائفة من السلف يصومون عاشوراء في السفر منهم ابن عباس و أبو اسحاق و الزهري و قال : رمضان له عدة من أيام أخر و عاشوراء يفوت و نص أحمد على أن يصام عاشوراء في السفر و روى عبد الرزاق في كتابه عن إسرائيل [ عن سماك بن حرب عن معبد القرشي قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم بقديد فأتاه رجل فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أطعمت اليوم شيئا ليوم عاشوراء ؟ قال لا إلا أني شربت ماء قال : فلا تطعم شيئا حتى تغرب الشمس و أمر من وراءك أن يصوموا هذا اليوم ] و لعل المأمور كان من أهل قديد و روى بإسناده عن طاوس أنه كان يصوم عاشوراء في الحضر و لا يصومه في السفر .. " ا.هـ

//

استشكال البيروني صيام عاشوراء والرد على العطار


بسم الله الرحمن الرحيم


استشكال البيروني صيام عاشوراء والرد على العطار


قال أبو تراب رحمه الله:
كان صديقنا الأستاذ أحمد عبد الغفور يتحف القراء في رمضان 1401 هـ بمقالاته في جريدة عكاظ، ومما أثار من الموضوعات رده على جاكوب الألماني الذي زعم أن صيام المسلمين مأخوذ من الصابئة.
ودلل على ذلك بما جاء في التوفيقات الإلهامية لمحمد مختار باشا، وأن الحساب الصحيح يكذب هذا المزعم الباطل، ثم تعرض الأستاذ لليهودية وصوم عاشوراء، وأنه كان حين قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس عن البخاري.
وظاهره مضطرب ؛ لأنه قدم في ربيع الأول، وعاشوراء في المحرم، ونقل كلام الحافظ في إزالة الاضطراب، أنه كان الأمر به في السنة الثانية، وبهذا يستقيم.
وأجاب الأستاذ العطار:
بأن أكثر الناس يظنون هكذا ؛ لأنهم يعتقدون أن صيام يهود يوافق يوم عاشوراء: العاشر من المحرم، وقال: بل هو وهم، وليس الأمر كذلك، فما كان اليهود يصومون عاشوراء، ولكنه يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع من السنة العبرية، قال: ولذلك التبس الأمر على شراح الحديث، فظنوا أن صيام اليهود وقع يوم عاشوراء، ولم يقع ذلك، ودلل على ذلك بالنص الذي في سفر اللاويين 16/19 وسفر العدد 29/7 وبتحديد محمود باشا الفلكي المصري يوم صيام اليهود حسب تقويمهم.
وسبق موسى نوح إلى صيامه يوم رسو السفينة على الجودي، فصامه عليه السلام يوم العاشر من المحرم ؛ لأنه أحق بنوح وموسى عليها السلام، وقال: ودخل عليه السلام المدينة يوم الأثنين المصادف يوم صيام اليهود، وهو اليوم العاشر من تشرين الذي قابل في ذلك السنة يوم العشرين من سبتمبر سنة 622 م، وهو اليوم العاشر من تشرين سنة 4383 عبرية كما في حساب محمود باشا، ونقله العقاد في كتاب ( الإسلام دعوة عالمية ).
قال أبو تراب: 
وقد رأيت بعض من رد على الأستاذ العطار بما ورد في الشروح من أن صيام عاشوراء هو في المحرم، وهكذا كانت اليهود تصومه، ولذلك همّ عليه السلام بمخالفتهم بصيام تاسوعاء وعاشوراء إلى آخر ما قال.
ولا يحضرني الآن من كلام هذا الذي رد على العطار إلا هذه الخلاصة، ولم أجد فسحة من الوقت للتذنيب والتذييل إلا يومي هذا، فأقول وبالله التوفيق:
سبق أني ذكرت في إحدى يومياتي في جريدة المدينة في 16/1/88 هـ ( ) أن العلامة الفلكي أبا الريحان البيروني استشكل هذا في كتابه ( الآثار الباقية ) صفحة 330 حيث قال: 
( وهذه الرواية غير صحيحة ؛ لأن الامتحان يشهد عليها، وذلك أن أول المحرم كان سنة الهجرة يوم الجمعة السادس عشر من تمور سنة ثلاث وثلاثين وتسعمئة للاسكندر، فإذا حسبنا أول سنة اليهود في تلك السنة كان يوم الأحد الثاني عشر من أيلول، ويوافقه اليوم التاسع والعشرون من صفر، ويكون صوم عاشوراء يوم الثلاثاء من شهر ربيع الأول ) قال: ( وكانت الهجرة يوم الأثنين كما ورد في جوابه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثم اختلف في أي الأثانين كانت الهجرة، فزعم بعضهم أنها في اليوم الثاني، وزعم بعضهم أنها في اليوم الثامن، وزعم بعضهم أنها في اليوم الثاني عشر، والمتفق عليه أنها في الثامن منه، ولا يجوز أن يكون الثاني، ولا الثاني عشر لأنهما ليسا بيوم اثنين، من أجل أن أول ربيع الأول في تلك السنة كان يوم الأثنين، فيكون على ما ذكرنا قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة قبل عاشوراء بيوم واحد، وليس بتفق وقوعه في المحرم إلا قبل تلك السنة ببضع سنين، أو بعدها بنيف وعشرين سنة ).
قال: ( فكيف يجوز أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء لاتفاقه مع العاشر من تلك السنة إلا بعد أن ينقل من أول شهور اليهود إلى أول شهور العرب نقلاً لاتفاق معه، وكذلك في السنة الثانية من الهجرة كان العاشور يوم السبت من أيلول، والتاسع من ربيع الأول، فما ذكروه من اتفاقهما حينئذ محال على كل حال، أما قولهم أن الله أغرق فرعون فيه فقد نطقت التوراة بخلافه، وقد كان غرقه يوم الحادي والعشرين من نيسان، وهو اليوم السابع من أيام الفطير، وكان أول فصح اليهود بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من آذار سنة ثلاث وثلاثين وتسعمئة للأسكندر، ووافقه اليوم السابع عشر من شهر رمضان، فإذن ليس لما رووه وجه ألبتة ).

وقد أجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج4 ص 214 قال:
( وقد استشكل ظاهر الخبر لاقتضائه أنه صلى الله عليه وسلم حين قدومه المدينة وجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، وإنما قدم المدينة في ربيع الأول، والجواب عن ذلك أن المراد أن أول علمه بذلك، وسؤاله عنه كان بعد أن قدم المدينة، لا أنه قبل أن يقدمها علم ذلك، وغايته أن في الكلام حذفاً، وتقديره: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأقام إلى يوم عاشوراء، فوجد اليهود فيه صياماً ).

قال أبو تراب: 
وهذا من محاورات العرب، يقولون: جاء فلان إلى موضع كذا، فوجد كذا، ولا يعنون أنه وجد ما وجد في حين القدوم مباشرة دون تراخ، بل المقصود حصل العلم بعد الحلول ولو تراخى الوقت.
والمبحث يقتضي فهم لغة العرب، فإذا فهمت المحاورة مع الممارسة بطل كل ما استشكله البيروني وغيره، وقد خدعه علمه بالحساب حتى وقع في استشكال كهذا، ولا تناقض عند علماء الإسلام بعد أن تثبت الرواية في الصحاح لا يرقى إليها الشك قطعاً، ولا جدال فيها لمجادل يرفض النصوص التي ندين بها.
ولو لم يكن عاشوراء المحرم هو يوم نجاة موسى عليه السلام فما وجه تخصيصه بالصوم وإثبات الأحقية به، ثم مخالفتهم بالتاسوعاء معه، وليس فيه موافقة لليهود، لأن العبادات لله وحده.
كتاب ( لجام الأقلام ) لأبي تراب الظاهري، الطبعة الأولى، سنة النشر 1402 هـ - 1982 م جدة، الكتاب العربي السعودي.
صفحة 96-98

==========================

حقيقة يوم عاشوراء

هل اليوم العاشر من شهر محرم
هو اليوم الذي أنجى الله تعالى
فيه نبيه موسى عليه السلام؟؟؟

     الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين و على اله وصحبه أجمعين. هل اليوم العاشر من شهر محرم هو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام؟؟؟ 
     بعد بحث طويل وقراءه وتأمل وجدة الإجابة الشافية على هذا السؤال والحمد لله رب العالمين. 
     وهي أن اليوم العاشر من شهر محرم هو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه نبيه موسى عليه السلام من فرعون وجنده وهو اليوم الذي صامه موسى عليه السلام شكراً لله وصامه نبينا صلى الله عليه وسلم. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أبو داود كتاب المناسك 68- باب الأشهر الحرم 1947- حدثنا مسدد، ثنا إسماعيل، ثنا أيوب، عن محمد، عن أبي بكرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خطب في حجته فقال: (إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعةٌ حرمٌ: ثلاثٌ متوالياتٌ ذو القعدة، وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان). البخاري كتاب بدء الخلق حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا عبد الوهاب: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشرا شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان). البخاري كتاب التفسير حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان). هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تشير إلى هذا المعنى ولكني اكتفيت بهذه الثلاث الأحاديث الصحيحة . ومن قول الرسول: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً) نستنتج أن ترتيب الشهور قد تصحح بعد أن زاد اليهود فيها وبعد أن عدل وبدل عرب الجاهلية فيها. وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [التوبة36] الآن يتبقى أن نثبت أن زمن موسى عليه السلام كان كما يوم خلق الله السموات والأرض. ومن السهل إثبات هذا الأمر وهو كالآتي: 

– إن إرسال الرسل هو لإصلاح ما أفسد الناس في الأرض , من فساد في التوحيد ومن ظلم بسبب القوانين الوضعية ويدخل في ذالك التلاعب في الأشهر والأيام بتقديم أو تأخير وهو كما حدث مع نبينا صلى الله عليه وسلم – . وبهذا تلتغي أهمية ما إذا كان ترتيب الشهور قبل أو بعد موسى عليه السلام هو ترتيب الله لها كما خلق السموات والأرض, لكن المهم في زمن موسى وعند نجاته هو وقومه من فرعون وجنوده. – أن أشهر الله الحرم منذ خلق السموات والأرض هي نفسها عند جميع الرسل ومنهم موسى عليه السلام بدليل أية التوبة36 السابقة. وبهذا يكون ترتيب الأشهر في زمن موسى عليه السلام ونبينا صلى الله عليه وسلم هو كما خلق الله تعالى السموات والأرض. وعلية فإنه يجب أن يكون الله سبحانه وتعالى قد أنجى موسى عليه السلام وقومه في اليوم العاشر من الشهر الأول بسبب أن هذا اليوم هو يوم عاشوراء عندنا كمسلمين. 
     وبالرجوع إلى التاريخ وكتب اليهود يتضح لنا أنه نفس اليوم وهو اليوم العاشر من الشهر الأول عند اليهود – قال الدكتور جواد على: «و يقصدون بصوم اليهود يوم عاشوراء ما يقال له (يوم الكفارة) ” و هو يوم صوم و انقطاع و يقع قبل عيد المظال بخمسة أيام أي في يوم عشرة تشري و هو يوم الكبور «kipur» و يكون الصوم فيه من غروب الشمس إلى غروبها في اليوم التالي وله حرمة كحرمة السبت و فيه يدخل الكاهن الأعظم قدس الأقداس لأداء الفروض الدينية المفروضة في ذلك اليوم». [ المفصل في تاريخ العرب 6:339. دار الملايين – انظر كتاب المقدس 2:2660] – قال السقاف: ” في واقعنا الحاضر لا نجد أي يهودي يصوم في العاشر من محرم أو يعده عيداً ولم يوجد في السجلات التاريخية ما يشير إلى أنهم صاموا في العاشر من محرم أو عدوه عيداً بل اليهود يصومون يوم العاشر من شهر تشرين و هو الشهر الأول من سنتهم في تقويمهم و تاريخهم إلا أنهم لا يسمونه يوم عاشوراء بل يوم أو عيد كيپور”. [ مجلة الهادى 7 ع 2:37] – قال محمود باشا الفلكي في تقويم العرب قبل الإسلام: ” يظهر أن اليهود من العرب كانوا يسمون أيضا عاشوراء و عاشور اليوم العاشر من شهر تشرى الذي هو أول شهور سنتهم المدنية و سابع شهور السنة الدينية عندهم. و السنة عند اليهود شمسية لا قمرية فيوم عاشوراء الذي كان فيه غرق فرعون لا يتقيد بكونه عاشر المحرم بل اتفق وقوعه يوم قدوم النبي”. [ دائرة المعارف البستانى 11:446 ] 
    هذه الثلاث أقوال الموثقة مصادرها كل ما يهمني فيها هو تحديد اليوم والشهر الذي كان يصومه اليهود وهو كما يتضح اليوم العاشر من الشهر الأول تشري و هو يوم الكبور «kipur» عند اليهود. 
     والحمد لله رب العالمين على ما أراد وعلى ما قضى ,,,,
بقلم : مساعد الجابري
————
 الأحد 3 صفر 1428هـ ـ الموافق 10 فبراير2008



=======

عاشوراء اليهود وعاشوراء المسلمين: بحث حول حديث صيام عاشوراء

مع بداية كل سنة هجرية يصوم كثير من المسلمين يوم عاشوراء اتباعا للسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم وأصل هذه السنة معروفة من الأحاديث المشهورة المروية في ذلك:  



ذكر الأخ محمد نصار بعض طرقها هنا :


وهذا مقال يبحث الجانب التاريخي حول عاشوراء بين اليهود والمسلمين للدكتور علي وافي:

في الثامن عشر من سبتمبر احتفل اليهود بيوم من أعظم أيامهم وهو اليوم العاشر من شهر تشرى العبري (سنة 5733 من بدء الخليقة بحسب ما يزعمون)
وشهر تشرى هو أول الشهور في سنتهم المدنية وإن كان سابعها ي سنتهم الدينية، لأن سنتهم الدينية تبدأ بشهر نيسان ويسمى هذا اليوم عندهم يوم (عاشور) لوقوعه في العاشر من الشهر ويسمى كذلك (يوم كبور) أي يوم الكفارة لأن اليهود يصومونه راجين بصومهم هذا أن يكفر الله عنهم ما اقترفوه من آثام في أثناء العام المنصرم، وقد جاء أمر اليهود بتعظيم هذا اليوم وصيامه وعدم مزاولة الأعمال فيه في عدة فقرات من أسفار توراتهم وعهدهم القديم " سفر اللاويين فقرة 29 وتوابعها من إصحاح 16" وفقرة 27 وتوابعها من إصحاح 23 ، وسفر العدد فقرة 7 من إصحاح 29 .. وفي مواضع أخرى كثيرة " ويزعم اليهود أنه لم يفرض عليهم من الصيام إلا صيام هذا اليوم وأما الأيام الأخرى التي يصومونها فيعتقدون أن صيامهم فيها نافلة.
وهذا يوم عاشوراء اليهود أو يوم (كبور).
وأما عاشوراء المسلمين فهو اليوم العاشر من الشهر الأول من السنة العربية. وهو شهر المحرم فيتفق مع عاشوراء اليهود في أن كليهما عاشر يوم ن أول شهر من السنة، وإن كان العاشر من أول شهر من شهور السنة العبرية قلما يتفق ميقاته مع العاشر من أول شهر من شهور السنة العربية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن السنة العبرية سنة قمرية ـ شمسية، مقدارها اثنا عشر شهرا قمريا، ويزاد عليها كل ثلاث سنين شهر يسمى آذار الثاني لتساير السنين الشمسية أو تقرب منها علي حين أن السنة العربية سنة قمرية خالصة مقدارها اثنا عشر شهرا قمريا ولا يزاد على شهورها شيء ما.
وكما يطلق على العاشر من المحرم اسم عاشوراء يطلق على التاسع منه اسم تاسوعاء وهاتان التسميتان عربيتان على الأصح وليستا معربتين من العبرية ولا من لغة أخرى.
وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث يدعو فيها إلى صيام العاشر من المحرم كما رويت عنه أحاديث أخرى يدعو فيها إلى صيام التاسع والحادي عشر منه، واستخلص ابن قيم الجوزية من الأحاديث الواردة في هذا الصدد أن أكمل الحالات أن يصام يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده، ويليها أن يصام تاسوعاء وعاشوراء فقط ويلي ذلك إفراد عاشوراء بالصوم.
هذا وقد ورد في النشأة الأولى لصيام يوم عاشوراء حديثان أحدهما ما رواه البخاري عن ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة يم عاشوراء فإذا اليهود صيام، فسألهم عن ذلك فقالوا هذا يوم أغرق الله فيه فرعون ونجّا فيه موسى وبني إسرائيل فقال: نحن أولى بموسى منكم وإني لأحتسب هذا اليوم ذنوب العام السابق له، فصامه وأمر المسلمين بصيامه..
والآخر ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما كذلك عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فُرض رمضان فقال من شاء فليصمه ومن شاء أفطر.
ويظهر في بادئ الرأي أن في هذين الحديثين مجالا للنظر من أربعة وجوه:
أولها: أنه يظهر من الحديث الأول أن النشأة الأولى ليصام عاشوراء عند المسلمين كانت يوم أن قدم الرسول عليه السلام المدينة في هجرته إليها وعلم أن اليهود يصومونه على حين أنه يظهر من الحديث الثاني أن صيام يوم عاشوراء يرجع إلى أصل جاهلي قديم سابق بأمد طويل لهجرته صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: أنه يظهر من الحديث الأول أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد صامه وأمر المسلمين بصيامه تكريما لموسى عليه السلام واستصحابا لشعيرة من شعائر دينه. على حين أنه يظهر من الحديث الثاني أن الرسول صلى الله لعيه وسلم قد صامه وأمر المسلمين بصيامه إقراره لشعيرة كانت قريش تسير عليها في الجاهلية واستصحابه لهذه الشعيرة، وأن المسلمين ظلوا على هذا الأساس يصومونه وجوبا إلى أن فُرض صيام رمضان.
ثالثها أنه يظهر من الحديث إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في هجرته إليها في اليوم العاشر من المحرم مع أن الثابت أنه قدمها يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول الموافق 20 سبتمبر سنة 622 ميلادية وكان هذا اليوم يوافق اليوم العاشر من شهر نشرى العبري سنة 4383 من بدء الخليقة بحسب ما يزعمه اليهود، وهو يوم عاشوراء عندهم أو يوم (كبور). وقد تأكد ذلك من تحقيق للعلامتين أبي الريحان البيروني في كتابه الآثار، ومحمود باشا الفلكي في كتابه بالفرنسية التقويم العربي قبل الإسلام.
ورابعها: أنه قد ورد في الحديث الثاني أن اليهود يصومون عاشوراءهم تخليدا لذكرى اليوم الذي نجّا الله تعالى فيه موسى وبني إسرائيل ويسر لهم الخروج من مصر وأغرق فرعون وجنده، مع أن الثابت أن اليهود يصومونه للاستغفار وطلب العفو والتكفير عما ارتكبوه من ذنوب في العام المنصرم كما تصرح بذلك نصوص العهد القديم التي أشرنا إليها فيما سبق وكما يدل عليه الاسم نفسه الذي يطلقونه على هذا اليوم يوم (كبور) أي يوم الكفارة. 
وأما اليوم الذي يحتفلون فيه بذكرى نجاة موسى وبني إسرائيل وخروجهم من مصر وغرق فرعون وجنده فهو اليوم الثامن والأخير من أيام احتفالهم بعيد الفصح Pesakh فِصَحْ أي الفسح أو الخروج أو المرور ويسميه الفرنجة باك، ويجيء في الحادي والعشرين من شهر نيسان وهو أول الشهور في سنتهم الدينية "يجيء عيد الفصح عندهم في اليوم الرابع عشر من شهر نيسان ويمتد احتفالهم به سبعة أيام بعد يوم العيد نفسه فينتهي احتفالهم به في اليوم الحدي والعشرين من شهر نيسان وهو اليوم الذي تذكر التوراة أن الله أغرق فيه فرعون وجنده ونجا موسى وبني إسرائيل ويسر لهم الخروج من مصر" وعيد الفصح والأيام السبعة التالية له ليست أيام صيام عندهم بل هي أيام توسعة في المأكل والمشرب فعند غروب الشمس من يوم عيد الفصح تذبح كل أسرة يهودية خروفا بلون واحد لا شية فيه وتلطخ جدران المنزل بدمه ويأكل أفرادها منه في أثناء الليل مع خبز بدون خميرة ويمتد أكل هذا الخبز سبعة أيام بعد عيد الفصح. (انظر فقرات 5 ـ 9 من إصحاح 23 من سفر اللاويين وقد اقتصر هذا السفر على أكل الخبز المذكور مدة سبعة أيام تبدأ من اليوم الخامس عشر مع تقديم ضحايا محرقة (تحرق في المذبح) للرب في هذه الأيام. ويطهر أن ذبح خروف ليلة الخامس عشر وتلطيخ جدران المنزل بدمه وأكل أفراد الأسرة منه هي طقوس زادها أحبار اليهود وفقهاؤهم على ما ورد في سفر اللاويين.

ولما كان الحديثان صحيحين لورودهما في البخاري ومسلم وقوة سندهما فلا مجال إذن للطعن فيهما أو في أحدهما بالضعف ويجب تفسيرهما تفسيرا يدفع جميع الشبهات السابق ذكرها.
وأمثل طريق لذلك في نظري هو أن يكون المراد بيوم عاشوراء الوارد ذكره في الحديث الأول عاشورا اليهود وهو العاشر من شهر تشرى العبري سنة 4383 من بدء الخليقة بحسب ما يزعمه اليهود، وهو اليوم الذي قدم فيه الرسول صلى الله لعيه وسلم المدينة في هجرته إليها وأن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما رأى اليهود صائمين هذا اليوم صامه هو كذلك في هذه السنة بالذات وطلب إلى المسلمين أن يصوموه تكريما لموسى عليه السلام ولشرائعه، ولعله كان كذلك للابتهاج بالمناسبة الإسلامية الخطيرة التي اتفق حدوثها في هذا اليوم وهي نهاية مرحلة هجرته عليه السلام إلى المدينة.
وليس في الأحاديث النبوية ولا في أخبار التاريخ الإسلامي ما يدل على أن المسلمين قد صاموا يوم عاشوراء اليهود صوما جماعيا أو طلب إليهم ذلك في غير هذه السنة فهو إن صيام قد حدث في الإسلام على هذه الصورة مرة واحدة فحسب.
وأما يوم عاشوراء الذي ورد ذكره في الحديث الثاني فهو يوم عاشوراء المسلمين أو يوم عاشوراء العرب، وهو العاشر من شهر المحرم العربي وكانت قريش تصومه في الجاهلية وقد أقر الرسول عليه السلام شريعتهم في هذا الصدد، فظل المسلمون يصومونه وجوبا كل عام إلى أن فُرض صيام رمضان فأصبح صيام عاشوراء مستحبا فقط، أي أنهم قد صاموه وجوبا في السنة الثانية من الهجرة، لأن الآيات التي فُرض فيها صيام رمضان قد نزلت على الراجح يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان من السنة الثانية من الهجرة أي بعد العاشر من محرم من هذه السنة.
وبذلك تسقط جميع الشبهات التي تنطوي عليها الاعتراضات الثلاثة الأولى لأن منشأ هذه الشبهات راجع إلى توهم أن يوم عاشوراء الوارد في الحديثين كليهما هو العاشر من شهر المحرم العري.
ولا يبقى بعد ذلك إلا الشبهة التي وردت في الاعتراض الرابع وهي الخاصة بالخطأ في تعليل صيام يوم (كبور) فقد جاء في الحديث الأول أن هذا الصوم لتخليد اليوم الذي نجّا الله فيه موسى وبني إسرائيل ويسر لهم الخروج من مصر وأغرق فرعون وجنده مع أن الغرض من صيامه عند اليهود هو طلب التكفير عن ذنوبهم في العام المنصرم كما سبق بيان ذلك.
وتدفع هذه الشبهة بأن الذين ذكروا هذا الغرض غير الصحيح هم بعض أفراد من يهود المدينة سئلوا عن ذلك وكانوا قليلي المعرفة بشعائرهم وحكمتها وأغراضها فالتبست عليهم أغراض عيد (كبور) بعيد الفصح، وألصقوا بالعيد الأول الأغراض التي من أجلها يُحتفل بالعيد الثاني وكان معظم يهود المدينة من عوام اليهود، بل كان منهم من ينحدر من أمم أخرى غير شعب بني إسرائيل واعتنق اليهودية بدون علم بتفاصيل شريعتها وهو الذين كان يطلق الإسرائيليون على أممهم اسم الأمميون لأن اللغة العبرية تنسب إلى الجمع وفي هؤلاء يقول القرآن الكريم { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون} 
ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم بإلهام من الله عز وجل قد قصد إلى إصلاح هذا الخطأ والإشارة إلى الغرض الصحيح من صيام يوم (كبور) حينما قال في الحديث الذي نحن بصدده " نحن أولى بموسى منكم، وإني لأحتسب إلى الله أن يكفّر بصيام هذا اليوم ذنوب العام السابق له" 

انتهى

صراحةً, أشكل علي طريقة د.وافي للجمع بين الروايات بالطريقة التي ذكرها فهل من تعليق ؟

============ 
صيام يوم عاشوراء سنة ثابتة بالتواتر والرد على من شكك في صيامه
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: 
فقد اطلعت على كلام لبعض الجهال والمبتدعة يشككون فيه بصيام يوم عاشوراء، ويطعنون في الأحاديث الواردة في فضل صيامه، بل ويشككون بأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام ومن معه، وأهلك وأغرق فرعون ومن معه.
والرد عليهم من وجوه: 
الوجه الأول: أن الأحاديث الواردة في ثبوت صيام النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء، صحيحة قد أجمع العلماء على صحتها، فقد خَرَّج جملة وافرة منها الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم في صحيحه، ولم تخل دواوين السنة من هذه الأحاديث أو بعضها.
فإنكار صيام النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء إنكار أمر متواتر مقطوع به، وهو مخالف لسبيل المؤمنين، ويخشى على منكره الارتداد عن دين الإسلام.
وثبت في الصحيحين أن ذلك اليوم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، وأجمع المسلمون على ذلك.
روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الكَعْبَةُ، فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ». واللفظ للبخاري.
وفي لفظ:« كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ».
وروى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشُورَاءَ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تُرِكَ».
وروى البخاري ومسلم عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ «إِنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ أَوْ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلاَ يَأْكُلْ».
وروى البخاري ومسلم عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.
وروى البخاري ومسلم عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، عَامَ حَجَّ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ.
وروى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
وروى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ».
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ اليَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ».
وروى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، أنه دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ: اليَوْمُ عَاشُورَاءُ؟ فَقَالَ: «كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ».
وروى مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان، لم يأمرنا، ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده».
وروى مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
فهذه أحد عشر حديثاً في صيام عاشوراء، خرج البخاري ومسلم تسعة منها، وزاد مسلم فروى حديثين آخرين في ذلك.
وورد صيام عاشوراء أيضاً من حديث: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وقيس بن سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وخباب بن الأرت، وعمران بن حصين، وعمار بن ياسر، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وهند بن حارثة، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن بدر الجهني، وعائذ بن عمرو المزني، وعم عبد الرحمن بن سلمة، وزاهر بن الأسود السلمي، ومحمد بن صيفي، وعبد الله بن سعيد الضبي عن رجال منهم، وعن حفصة رضي الله عنها، ورزينة مولاة صفية،  وعكناء بنت أبي صفرة، رضي الله عنهم جميعاً.
فورد حديث صيام عاشوراء عن أكثر من ثلاثين صحابياً، غير ما ورد من المراسيل، والآثار الموقوفة عن الصحابة رضي الله عنهم .

الوجه الثاني: أنه من تأمل تلك الأحاديث وجدها مشتملة على أمور: 
أولاً: أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه بمكة بأمر من الله .
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء، ويأمر الناس بصيامه وجوباً، ثم لما فرض شهر رمضان نسخ وجوب صيام عاشوراء وصار مستحباً.
ثالثاً: العلاقة بين صيام اليهود لعاشوراء وأوامر النبي صلى الله عليه وسلم مرت بمرحلتين حسب الروايات: 
المرحلة الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى اليهود يصومونه، ويتخذونه عيداً، ويلبسون فيه حليتهم وشارتهم سألهم عن ذلك، فذكروا أنه يوم نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فقال صلى الله عليه وسلم: «نحن أولى بموسى منكم»، وأمر بصيامه.
المرحلة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيام عاشوراء وكان يحث الناس عليه بعد استقرار فرض رمضان، ومعرفة الناس بأن صيام عاشوراء ليس فرضاً، فيحمل أمره على الاستحباب المؤكد، وكان هذا الأمر قد تجدد في السنة الحادية عشر بعد حجة الوداع، فجاءه بعض الصحابة رضي الله عنهم يوم عاشوراء أو بعده من تلك السنة يسألونه عن تعظيم اليهود والنصارى ليوم عاشوراء بالصيام، فكأنهم يسألونه مخالفتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع».
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث الصحابة على مخالفة أهل الكتاب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخالفهم فيصوم يومي السبت والأحد كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها، ولكنه كان يصوم عاشوراء وحده لكون اليهود يعظمونه بالصيام وبإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء، ويلبسون فيه حليتهم وشارتهم، فكان مجرد الصيام بدون إظهار الفرح والسرور كاف في المخالفة، لكن الصحابة رضي الله عنهم أحبوا المخالفة حتى في الصيام، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيفعل ذلك في السنة القادمة إن أحياه الله.
وهذا نظير ما ذكره عمران بن حصين رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم من إتيان النساء في الحيض خلافاً لليهود، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم، لكون إتيان الحائض من الأمور المحرمة، ولكن هذا يبين مدى حرص الصحابة رضي الله عنهم على مخالفة أهل الكتاب، مع حرص النبي صلى الله عليه وسلم على توجيههم.

الوجه الثالث: استنكر بعض الجهال ذكر صيام اليهود والنصارى ليوم عاشوراء مع كونهم يؤرخون بالميلادي! أو بتواريخ ليس فيها شهر الله المحرم!
وهذا الاستنكار لا وجه له، لأن العرب وغيرهم كانوا يؤرخون الشهور بالقمر، وأما تأريخ السنين فمنهم بالقمرية أو الشمسية.
فكان اليهود والنصارى يصومون اليوم العاشر من الشهر الأول من السنة، ويسمى شهر تشري، ويسمونه يوم كيبور، أو يوم الغفران.
ويظهر أن اليهود والنصارى فيما بعد غيروا تأريخهم من الأشهر القمرية، إلى الأشهر الشمسية فحصل تغيير جذري للشهر واليوم، فلم يعد يوافق شهر الله المحرم، ولكن ما زال اليهود يحتفلون به، ويعظمونه، ولكنهم يخلطونه بعيد الفصح، فيزعمون أن نجاة موسى عليه السلام من فرعون كان في اليوم الحادي والعشرين من شهر نيسان، ويجعلون يوم الغفران يوم رجوع موسى عليه السلام من ميقات ربه المرة الثانية بزعمهم، ومعه التوراة ومغفرة الله لبني إسرائيل عبادتهم العجل.
وهذا من تحريف اليهود وتلاعبهم، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكذب اليهود في قولهم عن يوم عاشوراء بأنه اليوم الذي نجى فيه الله موسى وقومه، ففيه إقرار وتصحيح لنقلهم.
وعلى فرض أن اليهود والنصارى لم يعودوا يعظمون يوم عاشوراء فهذا لا يقدح في صحة الأحاديث، فالحديث الصحيح مقدم على نقل أهل الكتاب، ولا يقدح في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بكلام من وصفهم الله بالكذب والتحريف.
ولو أن اليهود تركوا تعظيم عاشوراء حقيقة فقد خلفهم في هذه الأمة من يقوم بوظيفتهم في إظهار الفرح أو إظهار الحزن!
فالشيعة-رافضة وغيرهم- يحتفلون بعاشوراء احتفالاً دموياً، ويملؤون يومهم شركاً وكفراً، ويظهرون اللطم والحداد والكذب والافتراء على السلف الصالح، ويبالغون في أكاذيبهم على يزيد والدولة في زمانه.
وخالفهم بعض المتصوفة والجهلة فجعلوا يوم عاشوراء يوم فرح وسعادة، ورووا أحاديث مكذوبة في ذلك، وأظهروا معاندة الروافض بذلك، ولا تُرَد البدعة بالبدعة، بل ترد باتباع السنة، وإنكار البدع.

الوجه الرابع: سبق بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل اليهود عن صيام عاشوراء ليقلدهم! أو ليأخذ علمه عنهم! كما زعمه بعض المفترين، وإنما ليعرف سبب صيامهم، وإلا فقد كان يصومه صلى الله عليه وسلم بمكة.
وسبق بيان أن قوله صلى الله عليه وسلم : «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» لم يكن في السنة الأولى من الهجرة كما فهمه بعض الجهال، وإنما قال ذلك حسب سياق الروايات والأحاديث في السنة الحادية عشرة من الهجرة.
وسبق بيان سبب تأخير ذلك إلى سنة (11) .
وقد زعم بعض الجهال أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة (13) عاماً وهذا غلط، فقد مكث صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، ومات في أوائل السنة الحادية عشرة.

الوجه الخامس: ذكر بعض الجهال حديثاً بلفظ: «من كذب علي حيا وميتا فليتبوأ مقعده من النار»، وقد وقع هذا الجاهل في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس في روايات الحديث «حياً وميتا»، بل مما ورد: «ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
وزعم ذلك الجاهل-وأظنه رافضي- أن أهل الحسين رضي الله عنه تم سبيهم، واحتفل بنو أمية بالانتصار، وهذا كذب، فقد عومل آل الحسين رضي الله عنه بالإكرام حتى وصلوا الشام ثم المدينة، ولم يعرف في تاريخ بني أمية ولا في بداية دولة بني العباس الاحتفال بيوم عاشوراء، وإنما لما أظهر الروافض النوح واللطم يوم عاشوراء في زمن بني بويه، ابتدع بعض العوام والجهال الاحتفال بعاشوراء نكاية في الرافضة ومخالفة لهم.
وهذا غلط، فلا ترد البدعة بالبدعة.
وبما سبق يظهر أن صيام يوم عاشوراء مما أجمع المسلمون على مشروعيته، وقد كان واجباً ثم نسخ الوجوب للاستحباب، ثم تأكد هذا الاستحباب، ثم جاءت قضية الاستحباب بإضافة صيام اليوم التاسع إليه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه: 
أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي
9/ 1/ 1436 هـ


=================== 

عاشوراء" تاريخ وبحث "


مقدمة
في هذا الموضوع أردت ان أبحث عن حقيقة صيام يوم عاشوراء لدى اليهود وسياقه الديني والتاريخي، وكيفيّته، وتوقيته طبقا للتقويم الديني اليهودي مع المقارنة بالروايات الإسلامية في نفس الموضوع وآراء الباحثين والفلكيّين وعلماء الدين ..

في البداية اردت ان اوضح أهم سبب لصيامنا لهذا اليوم العظيم حيث اننا اولى بموسى كما قال صاحب الروضة وصاحب هذا المقام الشريف سيدي وحبيبي محمد " صلى الله عليه وسلم "


بعض روايات يوم عاشوراء في المصادر الإسلاميّة

- " عن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما قال: " قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى اللَّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، فصامه، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه" . 
وفي رواية: " فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه" . 
وفي رواية أخرى: " فنحن نصومه تعظيماً له" رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة والبيهقي

- " عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع" . 
وفي رواية قال: " حين صام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول اللَّه إنه يوم تعظّمه اليهود والنصارى؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام القابل - إن شاء اللَّه - صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم وأبو داؤد وأحمد والطبراني والبيهقي ..


- " عن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه قال: "كان يوم عاشوراء يوماً تعظّمه اليهود، وتتخذه عيداً، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "صوموه أنتم" . 
وفي رواية لمسلم: " كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : فصوموه أنتم" رواه البخاري ومسلم

- " عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: " كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر". 
وفي رواية : " كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه" رواه البخاري ومسلم وأبو داؤد والترمذي ومالك وأحمد وابن خزيمة

- " عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما قال: "كان عاشوراء يصومه أهل الجاهلية، فلما نزل رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء لم يصمه" . 
وفي رواية : وكان عبد اللَّه لا يصومه إلا أن يوافق صومه. 
وفي رواية لمسلم: " إن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صامه، والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما افترض، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه" رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن

- " عن جابر بن سمرة رضي اللَّه عنه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده" رواه مسلم وأحمد والطيالسي وابن خزيمة والبيهقي والطبراني .. 

- " عن قيس بن سعد بن عبادة رضي اللَّه عنه قال: " أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان، لم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله " رواه النسائي وأحمد والطحاوي

إشكالات في الروايات والأحاديث

وقد أثيرت حول أحاديث صيام عاشوراء ومنذ القدم مجموعة من الإنتقادات تكشف عن عيوب تلك الروايات وما تحتويه من تناقضات واضطرابات كثيرة .. ولاتزال تلك الإشكالات تتردّد بذاتها حتى الآن في المساجلات والمنتديات والكتب والردود .. وقد لخص الإمام ابن قيّم الجوزية أهم تلك الإنتقادات في كتابه " زاد المعاد في هدي خير العباد " على النحو التالي:

أولا : قدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة في يوم الإثنين 8 ربيع الأول (وليس 12 ربيع كما جاء في سيرة ابن هشام) فكيف وجد اليهود صائمين في عاشوراء(العاشر من محرّم) ؟؟

ثانيا : الروايات بأن النبي صام عاشوراء في الجاهلية مع قريش تتناقض مع الروايات الأخرى بأنه لم يعلم بصيام عاشوراء إلا بعد الهجرة ودخول المدينة وتقليد اليهود في صيامه.

ثالثا : الرواية بأن النبي قال " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع "، وأنه لم يأتِ العام المقبل حتى توفي تدلّ أن صوم عاشوراء والأمر بصيامه كان قبل وفاة النبي بعام، وهذا يتناقض مع الرواية الأخرى بأن ذلك كان عند مقدمه المدينة .. وكلا الحديثين من رواية ابن عباس نفسه!

تعقيب 

تلك هي أهم الإعتراضات .. ويمكن أن نضيف إشكالات أخرى لم يتطرّق لها ابن القيّم .. فمن جهة اللغة كلمة (عاشوراء) لم تكن معروفة قبل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته في العاشر من محرم، وبرزت كلمة عاشوراء بعد إحيائها من قبل أئمة أهل البيت عليهم السلام ومحبيهم، وهذا ما يؤكده إبن الأثيرفي كتابه " النهاية " حيث يقول: ان عاشوراء اسم اسلامي.
وهذا ما اكده إبن دريد ايضاً في "الجمهرة"، أي عاشوراء إسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية، وأكده القاضي عياض في "مشارق الأنوار": أن عاشوراء إسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية ..
كما أنّ النصارى لاعلاقة لهم بيوم عاشوراء هذا .. خلافاً لحديث ابن عبّاس أن يوم عاشوراء تعظّمة اليهود والنصارى .. فإنما تعظمه اليهود فقط ..
وأيضا فإن قريشاً لاتكسي الكعبة في عاشوراء محرّم بل في يوم النحر ..

. وقد أجاب ابن قيّم الجوزية على تلك الإشكالات بأجوبة ربّما أقنعت البعض، وربما رأى فيها آخرون تكلّفا وميلا للتبرير والتسويغ .. ولكن الشيء المؤكد أن ابن القيّم لم يجرؤ على التشكيك في أحاديث عاشوراء، وخاصة ما أخرجها البخاري ومسلم لأنها مصادر شبه مقدّسه لديه، والأهم من ذلك أنه لم يكلّف نفسه عناء البحث والدراسة للشعائر الدينية اليهودية وكيفياتها وتوقيتها حسب التقويم اليهودي، وهذا سيلقي مزيدا من الضوء حول جوانب وأبعاد الموضوع الهام ..

التقويم اليهودي

اليهود لايستخدمون التقويم الهجري ولا الميلادي .. بل هناك تقويم خاص بهم .. وكل الشعائر الدينية في اليهودية والأعياد والصلوات والإحتفالات تسير حسب التقويم اليهودي وترتبط به بحيث لايمكن ممارستها ولافهم مغزاها إلا في سياقه .. فما هو هذا التقويم يا ترى ؟؟

يستهلّ تقويم اليهود من نقطة بداية أسطورية وهي بدء الخليقة في العام 3760 قبل الميلاد حسب بعض نصوص الكتاب المقدّس .. والشهور اليهودية تُحسَب على دورة القمر، أما حساب السنين فيتبع دورة الشمس .. أي أن تقويم اليهود قمري وشمسي .. والسنة اليهودية تتوافق في الجملة مع السنة الميلادية .. وتتكوّن السنة اليهودية من 12 شهرا .. وحتى يتطابق الحسابان، الحساب القمري للشهور والحساب الشمسي للسنين يجمع اليهود الفرق بينهما في شهر زائد ( أي نسيء ) يتم إضافته إلى التقويم كل 3 سنوات .. فتكون السنة الكبيسة اليهودية( 13 شهراً) كل ثلاث سنوات ..

وهناك عدة بدايات للسنة اليهودية .. السنة الدينية تبدأ في شهر نيسان (أبريل) مع الربيع لتوافق خروج موسى من مصر في الفترة التي يقع فيها عيد الفصح .. أما حسب النظام المدني فإن السنة تبدأ بشهر تشري على النحو التالي:


تِشري  30 يوماً.. ويوافق أكتوبر

حِشوان 29 أو 30 يوماً .. ويوافق آخر أكتوبر - نوفمبر

كِسلو 29 أو 30 يوماً .. ويوافق آخر نوفمبر - ديسمبر

طِبِت 29 يوماً .. ويوافق آخر ديسمبر - يناير

شباط 30 يوماً .. ويوافق آخر يناير - فبراير

آذار 29 يوماً .. ويوافق آخر فبراير - مارس

نيسان 30 يوماً .. ويوافق آخر مارس - إبريل

أيار 29 يوماً .. ويوافق آخر إبريل - مايو

سِيوان 30 يوماً .. ويوافق آخر مايو - يونيو

تمّوز 29 يوماً .. ويوافق آخر يونيو - يوليو

آب 30 يوماً .. ويوافق آخر يوليو - أغسطس

أيلول 29 يوماً .. ويوافق آخر أغسطس - سبتمبر

وفي السنة الكبيسة يضاف شهر يسمَّى آذار الثاني بين آذار ونيسان .. وهنا يُحسَب آذار الأول 30 يوما وآذار الثاني 29 يوماً ..

عاشوراء اليهودي

وإذا راجعنا المناسبات الدينية لليهود وأيام الصوم والأعياد سنرى أن اليهود لايصومون بالطبع العاشر من محرّم ولا يعرفونه، بل هم يصومون العاشر من أول شهور السنة اليهودية، أي 10 تشري .. هذا هو عاشوراء اليهود .. وهو أحد أهم الشعائر الدينية لديهم ويسمى يوم كيبور أو يوم الغفران .. وفيه يبدأ الصوم قبيل غروب شمس يوم 9 تشري، ويستمر إلى مابعد غروب شمس اليوم التالي، أي أنه يستغرق حوالي 27 ساعة يجب فيها الصيام ليلا ونهارا، وعدم الإشتغال بأي شيء خلا العبادة .. فهو يوم في السنة لحساب النفس والندم على ما بدر من المؤمن من الخطايا، والتكفير عنها ليس بالصوم فقط، بل بالذبائح والصلوات والأموال وردّ المظالم إلى أهلها وطلب الصفح من المعتدى عليهم ..

وسف نقتبس فيما يلي كلمة هامة للدكتور عبدالوهاب المسيري يشرح مزيدا من التفاصيل عن يوم كيبور أو عاشوراء اليهود:

أهم أيام الصيام هو صوم يوم الغفران في العاشر من تشري، وهو الصوم الوحيد الذي ورد في أسفار موسى الخمسة حيث جاء فيها ''وتذللون أنفسكم'' ( سفراللاويين 23/27)، فأخذت هذه العبارة على أنها إشارة إلى الصوم• ويوم الغفران هو ترجمة للاسم العبري ''يوم كيبور''• وكلمة ''كيبور'' من أصل بابلي ومعناها ''يطهر''• والترجمة الحرفية للعبارة العبرية هي ''يوم الكفارة''• 

ويوم الغفران كما أسلفنا هو يوم صوم، ولكنه مع هذا أضيف على أنه عيد، فهو أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق وحيث إنه يقع في العاشر من تشري فهو، إذن، اليوم الأخير من أيام التكفير أو التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة وتنتهي بيوم الغفران• ولأنه يُعتبَر أقدس أيام السنة، فإنه لذلك يُطلَق عليه ''سبت الأسبات''• وفي هذا العيد كان الكاهن الأعظم يدخل قدس الأقداس في الهيكل ويتفوه باسم الإله ''يهوه''، وهو الاسم الذي يحرم التفوه به إلا في هذه المناسبة• وبحسب التراث الحاخامي، فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة، حيث أعلن أن الرب غفر لليهود خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي، فهو لذلك يوم عيد وفرح• ومع هذا أضاف التراث الحاخامي جانب الحزن والندم والحداد• إذ قرر الحاخامات أن يوم التكفير هو اليوم الذي سمع فيه يعقوب التوراتي عن موت ابنه يوسف• ولذا يجب أن يشعر الإنسان بالحزن طيلة ذلك اليوم• ويجب التضحية بكبش ذكر ليتذكر اليهودي الكبش الذكر الذي ذبحه إخوة يوسف وبللوا قميصه بدمه•

وتظهر الطبيعة المزدوجة للعيد الذي هو أيضا يوم صيام في أن اليهود يرتدون الملابس البيضاء علامة الفرح حتى يشبه اليهودي الملائكة الذين لا يعرفون الشر• ولكن اللون الأبيض هو أيضاً لون الكفن، وبذا يتذكر اليهودي الموت مما يعمق رغبته في التوبة والرغبة في التكفير عن ذنوبه• 

وقد ناقش (فيلون السكندري (اليهودي المتأثر بالتراث الهيليني طبيعة يوم التكفير هذا• فهو يرى أنه أعظم الأعياد، وأنه يوم فرح، ولكن الفرح الحقيقي لا يمكن الوصول إليه من خلال الإفراط في الطعام والشراب، فمثل هذا لا يؤدي إلا لإثارة الرغبات والشهوات الجسدية، ولذا يجب على اليهودي في هذا اليوم أن يتسم بالزهد وأن يكرس جل وقته للصلاة، فالهدف من هذا العيد هو تطهير القلب، وأن يصلي الإنسان متسامياً على رغباته الجسدية، وأن يطلب من خالقه المغفرة لما ارتكبه من ذنوب في الأيام السابقة، وأن يطلب رضاه وبركته ونعمته في أيامه المقبلة• 

وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب ككل الغفران من الإله• ولذا، فإن الكاهن الأعظم كان يقدم في الماضي كبشين (قرباناً للإله نيابة عن كل جماعة يسرائيل) وهو يرتدي رداءً أبيض (علامة الفرح) وليس رداءه الذهبي المعتاد• وكان الكاهن يذبح الكبش الأوَّل في مذبح الهيكل ثم ينثر دمه على قدس الأقداس• أما الكبش الثاني، فكان يُلقَى من صخرة عالية في البرية لتهدئة عزازئيل (الروح الشريرة)، وليحمل ذنوب جماعة يسرائيل (وكما هو واضح، فإنه من بقايا العبادة اليسرائيلية الحلولية ويحمل آثاراً ثنوية، ذلك أن عزازئيل هو الشر الذي يعادل قوة الخير)• ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في طقـوس المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلف تابوت لفائف الشريعة بالأبيض في ذلك اليوم على عكس التاسع من آف حيث يُلف بالأسود• 

ومن الشعائر الأخرى التي تمارس بشكل دائم في عيد يوم الغفران (وأحيانا في عيد رأس السنة) طقس يسمى ''كـابَّـاروت'' وهي صيغة جمع لكلمة ''كابَّاراه'' العبرية وتعني ''تكفير''• وهي إحدى الشعائر اليهودية التي يتم من خلالها نقل خطايا اليهودي الآثم بشكل رمزي إلى طائر• ولا يمارس هذا الطقس الآن سوى بعض اليهود الأرثوذكس• وتأخذ الشعيرة الشكل التالي: تُتلى بعض المزامير وفقرات من سفر أيوب ثم يُدار حول رأس اليهود طائر يُفضَّل أن يكون أبيض اللون (ديك إذا كان الآثم ذكراً ودجاجة إذا كان أنثى) ثم يُتلى الدعاء التالي: ''هذا هو بديلي، قرباني، الذي ينوب عني في التكفير عني• هذا الديك (أو الدجاجة) سيلقى حتفه، أما أنا فستكون حياتي الطويلة مفعمة بالسلام''• ثم يُعطَى الطائر بعد ذلك لأحد الفقراء، أما أمعاؤه فتُعطَى للطيور• وقد تَعدَّل الطقس إذ يذهب بعض الحاخامات إلى أنه يمكن إعطاء نقود تعادل ثمن الطائر• 

ولم يأتِ ذكر لهذا الطقس في التوراة أو التلمود ويظهر أول ما يظهر في كتابات الفقهاء (اليهود) في القرن التاسع• وقد اعترض بعض الحاخامات في بداية الأمر على هذا الطقس لأنه يشبه الشعائر الوثنية• ولكن الوجدان الشعبي يميل لمثل هذه الشعائر، فهي تُقرِّب العابد من الإله بطريقة محسوسة، ولهذا كُتب لها الاستمرار• ويُطلَق على حرب أكتوبر حرب يوم الغفران لأن عبور القوات العربية وإلحاقها الهزيمة بالقوات الإسرائيلية تم في ذلك اليوم من عام 5733 حسب التقويم اليهودي

وقد أصبح يوم كيبور أكبر أيام الحداد لأنه صادف أن دخل نبوخذ نصر أورشليم بجيوشه الظافرة في مثل هذا اليوم(586 ق .م) وأشعل النيران فيها .. فهي ذكرى مؤلمة .. كما أن يوم كيبور هو نفس التوقيت الذي اختارته مصر وسوريا للهجوم على إسرائيل وبدء حرب 6 أكتوبر 1973م ..

واعتمادا على ما سبق فقد أخطأت الرواية القائلة بأن عاشوراء هو يوم نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل فهم يصومونه شكراً لله .. لأن يوم نجاة موسى وخروجه من مصر يقع في شهر نيسان اليهودي وليس تشري، وهو ليس يوما واحدا بل أسبوع كامل .. وهم لايصومون فيه بل هو عيد ويأكلون فيه الفطير غير المختمر، وهو المعروف عند اليهود ب " عيد الفصح " أو عيد الفطير أكبر الأعياد اليهودية وبه تبدأ سنتهم الدينية .. 

والسؤال الآن هل كان دخول النبي المدينة يوافق يوم كيبور هذا ؟؟ هذا مايؤكّده الحساب الفلكي .. وسوف نستشهد بشخصيتين من أشهر الفلكيين المعاصرين .. الأول هو محمود باشا الفلكي (1815 – 1885) في كتابه " نتائج الإفهام في تقويم العرب قبل الإسلام وفي تحقيق مولد النبي وعمره عليه الصلاة والسلام" .. والآخر هو صالح العجيري وهو فلكي كويتي معاصر ..

ولنبدأ بصالح العجيري حيث يقول في تحقيقاته القيّمة 

بالحساب الفلكي الموثوق، فإن هجرة المصطفى سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 1 هجرية المصادف 20 سبتمبر سنة 622 ميلادية، ويوافق ذلك 10 شهر تشري سنة 4383 عبرية، وهو يوم صوم الكبور (عاشوراء اليهود) العاشر من الشهر الاول من السنة عندهم، وللتدليل على ذلك فإنه يستنبط من السير ان صاحب الشريعة الإسلامية الغراء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد بارح مكة المكرمة مهاجرا قبيل ختام شهر صفر ببضعة أيام، في الليالي التي يخبو فيها نور القمر، بعد أن انتظر قدوم فصل الخريف، فلم يشأ صلى الله عليه وسلم أن يهاجر مباشرة بعد بيعة العقبة التي تمت في فصل الصيف الحار، ومكث ثلاث ليال في غار ثور متخفيا ثم خرج منه في غرة شهر ربيع الأول قاصدا يثرب - التي سميت بعد الهجرة المدينة المنورة - ووصل قباء في يوم الاثنين في النصف الأول من شهر ربيع الأول، واستراح هناك أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس بها أول مسجد في الإسلام الذي نزلت فيه الآية الكريمة «لمسجد أسس على التقوى من أول يوم» ثم شرف المدينة المنورة يوم الجمعة. وقد اتفق الرواة في اليوم من الأسبوع على أنه يوم الاثنين، إلا أنهم اختلفوا في اليوم من الشهر هل هو 2 أو 8 أو 12 من شهر ربيع الأول، ولأجل تحديد اليوم المطلوب لزم معرفة اليوم من الأسبوع لمستهل السنة الأولى من الهجرة النبوية، فمنه تعرف غرة شهر ربيع الاول من السنة، بالحساب الفلكي، راجعين القهقري بالسنة الهجرية من الآن باتباع الأسلوب التالي:

بالحساب الفلكي الموثوق، فإن ولادة هلال شهر المحرم سنة 1426 هي صبيحة يوم الأربعاء 9/2/2005 الساعة 1 والدقيقة 28 وبذلك يتعين دخول شهر المحرم سنة 1426 هجرية بيوم الخميس 10/2/2005 وفي هذا اليوم يكون قد مضى من السنين الهجرية 1425 سنة قمرية تامة. وحيث أن أدوار التقويم الهجري الكبرى هي 7 أيام * 30 سنة = 210 سنوات بعدها تعود أيام الأسبوع لموضعها فنقسم 1425 سنة على 210 فالحاصل 6 ادوار كبرى ويبقى 165 سنة نقسمها على 30 وهي دورة الكبائس والبسائط في التقويم الهجري، فالحاصل 5 أدوار صغرى ويبقى 15 سنة نوزعها على سنيّ الكبائس والبسائط هكذا:

الكبائس: 2 .5 .7. 10. 13. 15. وعددها 6.

والبسائط: 1. 3. 4. 6 .8 .9. 11 .12. 14 وعددها 9.

وحيث أن أيام الدورة الصغرى هي 30 سنة * 354 يوما + 11 يوما كبيسة فالحاصل 10631 يوما.

نضرب الأدوار الصغرى 5 * 10631 = 53155

الكبائس 6 * 355 يوما = 2130

البسائط 9 * 354 يوما = 3186 

المجموع 58471 يوما.

نقسم الأيام 58471 على 7 فالناتج 8353 أسبوعاً تامة (فنحذفها) ويبقى صفر، وحيث أنه ثبت أن أول شهر المحرم سنة 1426 هو يوم الخميس فينتج أن أول شهر المحرم سنة 1 هجرية هو يوم الخميس فلكيا، وبالرؤية يوم الجمعة وحيث علم أن أول المحرم سنة 1 هجرية هو يوم الجمعة فان أول شهر صفر لسنة 1 هجرية هو يوم الأحد، وأن أول شهر ربيع الأول سنة 1 هجرية هو يوم الاثنين، وحيث أن أيام الإثنين لا تأتي في النصف الأول من شهر ربيع الأول إلا في 1 .8. 15 منه وأن الهجرة لم تحدث لا في يوم 1 ولا يوم 15 من الشهر فهي إذن حدثت يوم 8 من ربيع الأول وبذلك يتحقق أن هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حدثت يوم الإثنين 8 ربيع الأول سنة 1 هجرية.

ولو رجعنا القهقري بالحساب الفلكي أيضا لتحديد التاريخ الميلادي الموافق لهذا اليوم، فسنجد أنه يصادف 20 سبتمبر سنة 622 ميلادية.

من ناحية اخرى في الحديث النبوي الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة يوم عاشوراء فإذا اليهود صيام، فقال: ما هذا، قالوا: هذا يوم صالح اغرق الله تعالى فيه فرعون ونجّى موسى. فقال: أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه ولاشك أن يوم عاشوراء، لم يكن عاشوراء المسلمين الذي هو العاشر من المحرم مثلا، بدليل انه صلى الله عليه وسلم تساءل قائلا: ما هذا، كما أن الروايات الصحيحة قطعت بان الهجرة النبوية الشريفة حدثت في شهر ربيع الأول وليس في شهر غيره.

اذن فلعل عاشوراء هو عاشوراء اليهود فلليهود يومان في السنة كلاهما عاشوراء أولهما العاشر من شهر تشري أول شهور السنة العبرية، والثاني العاشر من شهر طبت رابع شهور السنة العبرية. إذن لنبحث إن كان أحدهما يصادف يوم الهجرة النبوية، بالرجوع القهقري من الآن إلى يوم الهجرة بإتباع الاسلوب التالي:

من المعروف من التقاويم أن يوم 1 شهر تشري - مستهل سنة 5765 عبرية - يصادف يوم الأربعاء 15 سبتمبر سنة 2004 ميلادية وهو غرة شهر شعبان سنة 1425 هجرية، وبذلك يكون الشهر الثاني من السنة العبرية هو مرحشوان، يصادف شهر رمضان، والشهر الثالث كسليو يصادف شهر شوال والشهر الرابع وهو طبت يصادف ذا القعدة، والشهر الخامس وهو شباط يصادف ذا الحجة والشهر السادس وهو اذار يصادف المحرم مستهل سنة 1426 هجرية.

ولأجل أن نرجع القهقري من هذا التاريخ إلى اليوم الذي حدثت فيه الهجرة فإننا نتبع الاتي: 

1425 سنة قمرية تامة * 12= 17100 شهر قمري ومن المعلوم أن الدور في التقويم العبري هو (19* 12 شهرا= 228 شهرا يضاف اليها 7 اشهر النسيء) فيكون مجموع الدور 235 شهرا نقسم 17100 شهر قمري على 235 فالناتج 72 دورا كاملا، ويبقى 180 شهرا وهي تعادل 15 سنة قمرية واليهود ينسئون فيها 5 سنين ذات 13 شهرا، فاذا أنقصنا شهور النسيء وهي 5 من 15 سنة يبقى 14 سنة و7 اشهر، نضيف 14 سنة الى 72 دورا ذات 19 سنة (1368) ينتج 1382 سنة عبرية نطرحها من السنة العبرية الان 5765 فيكون الباقي 4383 سنة عبرية هي سنة الهجرة النبوية.

ولتعين الشهر نرجع القهقرى 7 اشهر، سالفة الذكر، فتكون: آذار شباط طبت كسليو مرحشوان تشري ايلول ونقف على شهر آب من سنة 4382 عبرية فهو المصادف لشهر المحرم سنة 1 هجرية، وبذلك يكون الشهر العبري المصادف لشهر ربيع الاول سنة 1 هجرية هو شهر تشري مستهل سنة 4383، وبما أن يوم الاثنين 8 ربيع الاول سنة 1 هجرية هو بناء على رؤية الهلال، وأن مولد شهر تشري مبني على التوليد القمري والاصطلاح فان اليوم العاشر من تشري سنة 4383 عبرية وهو يوم عاشوراء يصادف يوم الهجرة النبوية الشريفة، إذن فبالدليل الحسابي تتفق هذه النتيجة مع ما ورد في الحديث النبوي الشريف من انه صلى الله عليه وسلم دخل المدينة في يوم عاشوراء وكان يهود المدينة صياماً.

يبقى السؤال الذي يطرح نفسه ( والكلام لازال للعجيري ) كيف صام المسلمون زمن الهجرة عاشوراء في شهر ربيع الاول ونصومه الان في شهر المحرم، كانت اجابة الكثيرين من علماء المسلمين الذين سألتهم عبر سنين طويلة - اثابهم الله على حسن افادتهم - ان نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة لم يكن اليهود يصومون عاشوراء اليوم نفسه انما بعد مرور شهور عدة وجدهم يصومون عاشوراء وليس بالضرورة انهم كانوا صائمين حتماً يوم دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولقد أفاض الله علي من فيض فضله حيث اهتديت بعد تمحيص وتدبر ان المسلمين زمن الهجرة صاموا عاشوراء اليهود ثم خالفوهم وتركوا صوم اليوم العاشر من اول شهر في سنة اليهود ونقلوه الى اليوم العاشر من الشهر الاول في سنة المسلمين.

أقول هذا لأنني بالحساب الفلكي الموثوق أؤكد أن اليهود كانوا صائمين يوم دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة باليوم ذاته، وليس في يوم آخر سواه. حسبما تقدم وبالحساب الفلكي فإن يوم الهجرة النبوية الشريفة هو الاثنين 8 ربيع الاول من سنة 1 هجرية الموافق 20 سبتمبر سنة 622 ميلادية المصادف 10 تشري سنة 4383 عبرية يوم عاشوراء اليهود وكانوا صائمين في اليوم نفسه.. والله اعلم"


وتلك الإستنتاجات والحسابات تتطابق مع ماتوصّل له محمود باشا الفلكي في كتابه المذكور أعلاه حيث جاء فيه قوله:

" وقد قيل إن عاشوراء عبرانيّ معرّب، يعني عاشور، وهو العاشر من تشري اليهود الذي صومه صوم (الكيبور)‘ وأنه إعتُبِرَ في شهور العرب فجُعِل في اليوم العاشر من أول شهورهم، كما هو العاشر من أول شهور اليهود"(نقلا عن البيروني في كتابه الآثار الباقية)

موسى عبر البحر الأحمر في الحادي والعشرين من نيسان، وهو اليوم السابع بعد فصح اليهود .. وابن عبّاس لم ينقل إلا مارآه وسمعه من بعض اليهود، لاشكّ في قلّة معرفتهم .. وغاية ماينتج من ذلك أنهم كانوا يجهلون سبب فرض الصيام في هذا اليوم، أي العاشر من تشري .

" روى الطبراني في المعجم الكبير عن خارجة بن زيد عن أبيه أنه قال : ليس يوم عاشوراء الذي يقول الناس، إنما كان يوم تُستَر فيه الكعبة، وتلعب فيه الحبشة عند رسول الله، وكان يدور في السنة، وكان الناس يأتون فلاناً اليهودي فيسألونه فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسألوه"

خلاصة التحقيق :

دخل النبي المدينة في يوم الإثنين 8 ربيع الأول من السنة الأولى للهجرة
الموافق 20 سبتمبر عام 622 للميلاد
والموافق 10 تشري من عام 4383 للخليقة حسب التقويم اليهودي

إذن فقد أثبت الحساب الفلكي بصورة قطعية أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام قد دخل المدينة بالفعل يوم عاشوراء وأنه رأى اليهود صائمين، ولكنه كان عاشوراء اليهودي أي يوم كيبور العاشر من تشري حسب التقويم اليهودي وليس العاشر من محرّم كما نصوم الآن .. وربّما صامه النبي أول الأمر وأمر بصيامه، ولكن بعد أن فُرِض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة تركه كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة .. وأهل السنة والحديث يقولون ترك وجوبه وبقي على الإستحباب والتخيير .. وهذا يذكّرنا بتغيير قبلة الصلاة، فقد توجّه النبي والمسلمون حينا من الدهر إلى بيت المقدس وهي قبلة اليهود، وبعد أن جاء الأمر الإلهي تحوّل إلى استقبال الكعبة ..

ولكن السؤال الذي لم نجد له إجابه صريحة في كل مابحثنا عنه هو التالي : من الذي قام بنقل صوم عاشورا من التقويم اليهودي إلى التقويم الهجري ؟؟؟ وهل يجوز هذا التغيير أو يجزئ ؟؟؟ ونحن نعلم أن التقويمين لايتطابقان وأن اليهود لاتصوم عاشر محرّم، كما أن الشعائر الدينية لدى أيّ دين وملّة، وطقوس العبادة مرتبطة بتقويم ديني محدّد ولايكون لها أي معنى خارجاً عنه ..

بالرجوع إلى التاريخ نجد أن عاشوراء اليهود وافق بالصدفة يوم سقوط أورشليم على يد نبوخد نصر وإحراقها مما جعل منه أكبر أيام الحداد لدى اليهود .. كما نجد أيضا أن واقعة كربلاء الفاجعة واستشهاد الحسين بن علي عليه السلام كانت في عاشر محرّم .. فهل تمّ نقل صوم كيبور إلى مايوافقه في الترتيب من التقويم الهجري على يد السلطة الأموية ورواتها للتغطية على هذا الحدث المأساوي الذي هزّ الضمير الإسلامي، والذي قامت باسمه الثورات التي أسقطت الحكم الأموي في النهاية ؟؟!

من الثابت أن كل مظاهر الفرح والإحتفال والإبتهاج في يوم عاشوراء تعود إلى كونه يمثّل عيد النصر لدى الأمويين الذين حققوا نصرا سياسيا وعسكريّا ولو إلى حين .. وبعد زوال بني أميّة بقيت رواياتهم الموضوعة والتي يتم تغذيتها بأكاذيب أخرى مع كل مرحلة احتقان وتوتر مذهبي أو صراع سياسي تنتصر فيه دولة شيعية المذهب على دولة سنية أو العكس .. وعندما نستعرض الروايات الموضوعة والفضائل المكذوبة في فضل يوم عاشوراء نتيقن أنها وليدة هذا المناخ الصراعي ..

ويروي لنا ابن كثير في تاريخه كثيرا من الفصول البائسة عن صراع السنة والشيعة في بغداد على سبيل المثال في يوم عاشوراء، وكيف يكون يوم حداد ولطم ونواح لدى فريق، ويوم يبتهج فيه فريق آخر نكاية وتشفيّا .. وكيف يتطور الأمر إلى الصدام بين الطرفين وإراقة الدماء والإغارة على البيوت والمتاجر وإضرام النيران فيها .. ومما يرويه ابن كثير على سبيل المثال من حوادث سنة 363للهجرة : " فيها، في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والرافضة، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه، بعيد عن السداد، وذلك أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة، وتسمى بعضهم بطلحة، وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي، فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير .."

وفي مصر مثلا كان عاشوراء يوم حزن للفاطميين وتتعطّل فيه الأسواق .. فلما قضى صلاح الدين الأيوبي على الفاطميين وأعاد مصر للحكم السنّي اتخذ الإيّوبيون هذا اليوم يوم سرور وانبساط في المطاعم ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون، ويدخلون الحمام جرياً على عادة أهل الشام، التي سنها لهم الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان؛ ليرغموا به آناف شيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؛ الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي .. وهناك حلوى مصريّة معروفة (حلاوة عاشورا) لاتزال حتى الان تقدّم في هذي المناسبة ..

وقد ظهرت روايات كثيرة منسوبة إلى النبي فضل هذا اليوم، واستحباب إظهار الزينة، والخضاب، والسرور، والتوسعة على العيال، ولبس الجديد فيه، وصومه، وطبخ الحبوب، والأطعمة، والاغتسال، والتطيب، والاكتحال .. وهي كما يظهر رواسب أمويّة متبقيّة من أيام احتفالهم بالنصر على الحسين عليه السلام ..

 وهذا نموذج من الفضائل المزعومة :

- "خلق القلم يوم عاشوراء واللوح كمثله وخلق جبريل يوم عاشوراء وملائكته يوم عاشوراء وخلق آدم يوم عاشوراء وولد إبراهيم يوم عاشوراء ونجاه الله من النار يوم عاشوراء وفدى إسماعيل يوم عاشوراء وغرق فرعون يوم عاشوراء ورفع إدريس يوم عاشوراء وتاب الله على آدم يوم عاشوراء وغفر ذنب داود يوم عاشوراء وأعطى الملك سليمان يوم عاشوراء وولد النبي يوم عاشوراء واستوى الرب على العرش يوم عاشوراء ويوم القيامة يوم عاشوراء"

- " إن في يوم عاشوراء توبة آدم ، واستواء سفينة نوح على الجودي ، ورد يوسف على يعقوب ، ونجاة إبراهيم من النار "
- " أن الله خلق السموات و الأرض يوم عاشوراء "
- "من عاد مريضا يوم عاشوراء فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلهم"
- "من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه"
- "من أشبع أهل بيت مساكين يوم عاشوراء مر على الصراط كالبرق الخاطف "
- "من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض إلا مرض الموت"
- "إن الوحوش كانت تصوم يوم عاشوراء"
- "من وسع على عياله يوم عاشوراء ، وسع الله عليه سائر سنته"

- "من أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله مثل عبادة أهل السموات السبع و من صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بالحمد مرة و مرة ( قل هو الله أحد ) غفر الله له ذنوب خمسين عاما ماضية و خمسين مستقبلة و بنى له في الملأ الأعلى ألف منبر من نور و من سقى شربة ماء فكأنما لم يعص الله طرفة عين"
- "من صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف شهيد"
- "من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة"

- "من صام يوم عاشوراء أعطى ثواب حاج ومعتمر ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب سبع سماوات ومن فيها من الملائكة ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أشبع جائعا يوم عاشوراء فكأنما أطعم فقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأشبع بطونهم ومن مسح على رأس يتيم في يوم عاشوراء رفعت له بكل شعرة على رأسه درجة في الجنة"

ولنقرأ ماقال فقهاء أهل السنة في التعليق على تلك الروايات ..

يقول ابن الجوزي : " قد تمذهب قوم من الجهال بمذهب أهل السنة فقصدوا غيظ الرافضة فوضعوا أحاديث في فضل عاشوراء ونحن براء من الفريقين ، وقد صح أن رسول الله ( ص ) أمر بصوم عاشوراء إذ قال : إنه كفارة سنة ، فلم يقنعوا بذلك حتى أطالوا وأعرضوا وترقوا في الكذب " (الموضوعات/ ج2)

يقول ابن تيمية :" فَعَارَضَ هَؤُلاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ,مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ , وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ , وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ , وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ , فَوَضَعُوا الآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالاكْتِحَالِ وَالاخْتِضَابِ , وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ , وَطَبْخِ الأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ , فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالأَفْرَاحِ . الفتاوى الكبرى : ج5

ويقول ابن تيمية أيضا : "وكذلك حديث عاشوراء والذي صح في فضله هو صومه وأنه يكفر سنة وأن الله نجى فيه موسى من الغرق وقد بسطنا الكلام عليه في موضع آخر وبينا أن كل ما يفعل فيه سوى الصوم بدعة مكروهة لم يستحبها أحد من الأئمة مثل الاكتحال والخضاب وطبخ الحبوب وأكل لحم الأضحية والتوسيع في النفقة وغير ذلك وأصل هذا من ابتداع قتلة الحسين ونحوهم" (منهاج السنة/ج8)

ويقول ابن كثير : "وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيدا يصنعون فيه أنواع الأطعمة ويظهرون السرور والفرح" (البداية والنهاية/ج8)

ويقول البدر العيني : "اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة وليس بواجب ، 

وقال ايضاً نعم اختلق أعداء أهل البيت ( ع ) أحاديث في استحباب التوسعة على العيال يوم عاشوراء والاغتسال والخضاب والاكتحال" (عمدة القاري/ج5)

=======================
المراجع:

1- صحيح البخاري ومسلم
2- محمود باشا الفلكي " نتائج الإفهام في تقويم العرب قبل الإسلام وفي تحقيق مولد النبي وعمره عليه الصلاة والسلام"
3- عبدالوهاب المسيري، جريدة الإتحاد الإماراتية 8/10/2005 م
4- حسن ظاظا، الفكر الديني اليهودي أطواره ومذاهبه
5- عبدالله حسين، ردّ الأباطيل عن نهضة الحسين
6- صالح العجيري، مقال في جريدة القبس الكويتيّة 16 ابريل 2005
7- صالح عاشور، مقال في جريدة الوطن الكويتية الثلاثاء 14 نوفمبر 2006
8- مجموعة من مواقع الإنترنت
=============================== 

وصلتني هذه الكلمات من أحد الشباب قرأها على الإنترنت يسألني عن صحة ما ورد فيها، فأحببت أن أرد عليه بجواب من أهل العلم. وفقكم الله للذود عن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. نص الرسالة : إلى كل من يدعي أن صيام عاشوراء سُـنـّة ... ! قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ يكثر في هذه الأيام بالذات وفي المساجد وخطب الجمعة الحديث عن صيام هذا اليوم وبشكل عجيب جداً، ويحرص البعض على أن يؤكد عليه. لكن ما هو سبب صيام هذا اليوم ولم نصومه ؟ يقول الحديث : صحيح مسلم - كتاب الصيام - باب صوم يوم عاشوراء: وحدثني ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه. فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. لمراجعة الحديث في موقع موسوعة الحديث الشريف لمراجعة الحديث في موقع الشبكة الإسلامية تحت رقم 1130 لمراجعة الحديث في موقع نداء الإيمان تحت رقم 2714 وفي موضع آخر : صحيح مسلم - كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء. وحدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول سمعت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : (يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم). لمراجعة الحديث في موقع موسوعة الحديث الشريف لمراجعة الحديث في موقع الشبكة الإسلامية تحت رقم 1134 لمراجعة الحديث في موقع نداء الإيمان تحت رقم 2722 كل قاريء للحديثين والقصة المذكورة عن سبب الصيام، ليتأمل الحديث جيداً وانظر الآن إلى هذه الملاحظات لنخرج بنتيجة ونترك لك الحكم بصحة هذه الأخبار. أولا: انظر إلى الحديث الأول وتأمل به جيداً لقد غاب عن منتج هذا الحديث أن اليهود لا تعتمد في تقويمها على الهلال، وأن الاعتماد على الهلال مما أختص به المسلمون قال تعالى: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج . والسؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف كان يوم عاشوراء ( 10 محرم ) ثابتا عند اليهود على مر السنين ؟؟؟؟ توضيح أكثر: لو أراد أحد المسلمين أن يحتفل بميلاد المسيح عليه السلام بدعوى أننا ( أي المسلمون ) أولى بالسيد المسيح عليه السلام من المسيحيين أنفسهم ، فهل يستطيع تحديد يوم في تاريخنا الهجري بحيث يوافق دائما يوم ميلاد المسيح عند المسيحيين ؟ الجواب واضح ، فذلك أمر غير ممكن، لأن ميلاده ثابت بالنسبة لهم لأنهم يعتمدون التقويم الميلادي، ولكن بالنسبة لنا فنحن نعتمد التقويم الهجري المعتمد على الهلال، فالسنة الميلادية تزيد عن الهجرية بِـ 10 أو 11 يوم . والآن إذا أردنا أن نصوم أو نحتفل باليوم الذي نجى الله فيه موسى ينبغي أن يكون هذا اليوم متغيرا في كل عام بالنسبة للتقويم الهجري ( المعتمد على الهلال ) فما الذي ثبته في يوم ( 10 محرم ) .؟؟ من المفترض أن يكون يوم عاشوراء أعظم عيد عند اليهود حيث فيه أعظم حدث عندهم وهو نجاة نبي الله موسى بانشقاق البحر له وهلاك عدوه فرعون، وهذه تشكل معجزة عظيمة ومنعطف مهم جدا في تاريخهم لا يمكن أن يهمله اليهود . ولكن السؤال المحير هو : لماذا انقرض هذا العيد عندهم ولم يبق منه عين ولا أثر ، ففي كل عيد أو مناسبة عندهم تسمع في الأخبار أن الجيش الصهيوني يشدد إجراءاته الأمنية تخوفا من وقوع عمليات استشهادية، ولكن يوم عاشوراء يمر دون إجراءات أمنية ويوم عادي !!! الملاحظة الثانية: الحديث يقول قدم النبي إلى المدينة وبعدها برواية أخرى يقول ابن عباس قالوا للنبي إنه يوم تعظمه ... فقال النبي (ص)فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ... والسؤال هنا: نحن نعلم أنه عندما قدم النبي (ص) إلى المدينة بقى بها 13 سنة بعد هجرته، فكيف مات بالسنة الأولى ؟! وإذا قال أحد إنها كانت هي السنة التي مات بها المصطفى فهذا أغرب وأعجب؟ كيف لم يلاحظ الرسول (ص) طوال 13 عاماً صيام اليهود لهذا اليوم ؟؟! ثم كلنا يعلم أن النبي (ص) أمر بإخراج اليهود من المدينة ، فمتى كان ذلك إذن !!!!!


الجواب


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فنقول ابتداء إن هذه الشبه التي أوردها صاحبها تدل على ضحالة تفكيره وعظيم جهله، وهذه حال كثير من المشككين فيما جاء به الشرع، يُعمِلون أفهامهم السقيمة في النصوص الشرعية ويخرجون بنتائج باطلة ثم يظنون أنهم أتوا بما لم يسبقوا إليه ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فصيام يوم عاشوراء مستحب بالإجماع، ولم تختلف الأمة طيلة أربعة عشر قرنا على مشروعية صيامه حتى جاء هؤلاء وحاولوا التشكيك فيه.
قال الإمام النووي في المجموع عن صوم عاشوراء: وأجمع المسلمون على أنه [اليوم] ليس بواجب ، وأنه سنة ... " اهــ .
ونحن نرد بتوفيق الله ومعونته على تلك الشبه واحدة تلو أخرى فنقول :
أولا : قوله إن اليهود لا يعتمدون في تقويمهم على الهلال , هو جهل بواقع الحال عند اليهود فإن السنة العبرية عند اليهود تعتمد أيضا على القمر إلا أنهم يقدمون ويؤخرون ويضيفون.
جاء في الموسوعة العربية العالمية: تعتمد السنة العبرية على القمر، وهي في العادة مكونة من 12 شهراً. وهذه الأشهر هي : تشْري، مرحشوان، كسلو، طبت، شباط، أدار، نيسان ، أيار، سيوان، تموز، آب، أيلول. تتكون الأشهر من 30 و 29 يومًا بالتبادل. في خلال كل 19 عامًا، يضاف شهر إضافي قوامه 29 يومًا سبع مرات بين شهري أدار ونيسان، ويطلق على هذا الشهر اسم فيادار. وفي الوقت ذاته يصبح أدار 30 يومًا بدلاً من 29 يومًا.  اهــ .
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن اليهود الذين عاصرهم وهو يرد على من يقول إنهم لا يعتدون بالهلال: فَإِنَّ الْيَهُود لَا يَعْتَبِرُونَ فِي صَوْمهمْ إِلَّا بِالْأَهِلَّةِ، هَذَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ مِنْهُمْ ، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِيهِمْ مَنْ كَانَ يَعْتَبِر الشُّهُور بِحِسَابِ الشَّمْس لَكِنْ لَا وُجُود لَهُ الْآن، كَمَا اِنْقَرَضَ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ عُزَيْر اِبْن اللَّه. اهــ .
ثانيا : لو سلمنا جدلا أن اليهود لا يعتدون بالقمر في الحساب، وبالتالي خلص إلى تلك النتيجة البائسة من أن اليوم الذي نجى الله فيه موسى لا يمكن تحديده بتقويم الأهلة لأن اليهود لا يحسبون بها، كما أنه لا يمكن تحديد ميلاد المسيح بتقويم الأهلة لأن النصارى لا يحسبون بها. نقول إنه نسي حقيقة لا تخفى على من له أدنى بصيرة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم نبي يوحى إليه، لا ينطق عن الهوى ومؤيد بالوحي من السماء ولا يقر على الخطأ لو فرض حدوثه. فإذا صام يوم عاشوراء على اعتبار أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى علمنا يقينا أن الله نجى موسى في ذلك اليوم, وإذا ثبت هذا فإننا نصوم هذا اليوم لأن الله جعل المعتمد في مواقيت الناس هو الهلال لا ما يحسب به اليهود والنصارى قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ... } سورة البقرة : 189 , وقال تعالى عن القمر: وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ.{يونس:5}. فإذا خرج اليهود والنصارى عما سنه الله لعباده وجعله ميزانا للمواقيت لهم فإن هذا لا يغير من حقيقة الأمر شيئا, ويكونون بذلك قد غيروا اليوم الذي نجى الله فيه موسى حين حسبوه بالأشهر الشمسية, ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد رد الأمر إلى نصابه واعتد بما جعله الله ميقاتا لحساب الناس .
ثالثا : لو فرض أن اليهود يخالفوننا في طريقة الحساب ويعتدون بالأشهر الشمسية فإن هذا لا يضر أيضا لأن هذا يكون مما أحدثوه وبدلوه من الشرائع السابقة, وقد ذكر أهل العلم أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا أولا يعتدون بالهلال فبدلوا وحرفوا كما بدلوا أصل الدين وحرفوه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الشَّرَائِعَ قَبْلَنَا أَيْضًا إنَّمَا عَلَّقَتْ الْأَحْكَامَ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنَّمَا بَدَّلَ مَنْ بَدَّلَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ كَمَا يَفْعَلُهُ الْيَهُود فِي اجْتِمَاعِ الْقُرْصَيْنِ، وَفِي جَعْلِ بَعْضِ أَعْيَادِهَا بِحِسَابِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وَكَمَا تَفْعَلُهُ النَّصَارَى فِي صَوْمِهَا حَيْثُ تُرَاعِي الِاجْتِمَاعَ الْقَرِيبَ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَتَجْعَلُ سَائِرَ أَعْيَادِهَا دَائِرَةً عَلَى السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ بِحَسَبِ الْحَوَادِثِ الَّتِي كَانَتْ لِلْمَسِيحِ ... اهــ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مجموع فتاواه: وقد روى غير واحد من أهل العلم أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية أيضاً في صومهم وعبادتهم، ولكنهم بدلوا قلت: ويؤيده قوله تعالى: { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } والناس كلمة عامة وقوله تعالى: { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب }. وقوله تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم }. وقد أجمعوا على أن المراد الأشهر الهلالية. اهــ .
رابعا : تشكيكه في تلك الروايات الصحيحة بزعمه أن اليهود لا يحتفلون بهذا اليوم الآن. جوابه أن هذا غير صحيح أيضا فإن اليهود يحتفلون كل سنة بعيد الفصح وهو عيد له علاقة باليوم الذي نجاهم الله فيه من فرعون، حيث يحتفل فيه اليهود بذكرى خروجهم من مصر، وما عانوه في هروبهم.
جاء في موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية لعبد الوهاب المسيري: وفي شهر أبريل، يحل عيد الفصح، حيث يروي اليهود قصص عبوديتهم في مصر وما عانوه من مشقة في الهرب عبر الصحراء ... اهــ. 
ولو فرض أنهم الآن لا يحتفلون بهذا اليوم فإن هذا لا يعتبر قادحا في الأحاديث الصحيحة التي جاءت بأنهم كانوا يصومونه, فاليهود الآن لا يقولون بأن عزيرا ابن الله, فهل هذا يعني أنه لم يكن في السابقين من كان يقول بهذه المقولة, واليهود اليوم لا يقرون بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فهل هذا يعني أن موسى لم يخبرهم به ؟!! فإذا كان اليهود اليوم قد تركوا ما جاءهم به موسى من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فلأن يتركوا عيدا من باب أولى .
خامسا : زعمه بأن هناك تناقضا بين الأحاديث حيث جاء في بعضها أن النبي صلى الله عليه وسلم صامه أول مقدمه المدينة, وفي بعضها أنه مات قبل أن يصوم التاسع, ويعضد ذلك بأنه بقى بالمدينة 13 سنه بعد هجرته. نقول له مصححين أولا إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش في المدينة بعد هجرته إلا عشر سنين، وهذا مما يستوي في علمه أهل العلم وأهل الجهل. ثم نقول إنه لا تعارض بين ما ذكره البتة فالنبي صلى الله عليه وسلم صام عاشوراء أول مقدمه المدينة ولم يعزم وقتها على صيام التاسع معه، وظل يصوم العاشر وحده إلى ما قبل وفاته بسنة لمَّا ذكره الصحابة بأن اليهود يعظمونه وقد علموا من سنته أنه يحب مخالفتهم بعدما كان في أول البعثة يوافقهم أخبرهم عندها أنه سيصوم التاسع معه ومات قبل مجيء التاسع من السنة التالية , فأي تعارض في هذا ؟!! وليس في هذا أنه كان لا يعلم تعظيم اليهود له وإنما نزل التشريع بمخالفتهم في تلك السنة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قَدْ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِيمَا يُخَالِف فِيهِ أَهْل الْأَوْثَان ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّة وَاشْتُهِرَ أَمْر الْإِسْلَام أَحَبَّ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ ، فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ ، فَوَافَقَهُمْ أَوَّلًا وَقَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ ، ثُمَّ أَحَبَّ مُخَالَفَتهمْ فَأَمَرَ بِأَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ يَوْمٌ قَبْله وَيَوْمٌ بَعْدَهُ خِلَافًا لَهُمْ. اهــ .
والله أعلم