الجمعة، 22 سبتمبر 2017

فضل شهر الله المحرم وتعظيم السلف لعشره الأول

         :       ﷽       :

فضل شهر الله المحرم، وفضل أيامه العشر، الأولى وفضل يوم عاشوراء..

 عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم .

قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ شرح النووي على مسلم (8 / 12) :(وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ , وَمَالِكٌ , وَأَحْمَدُ , وَإِسْحَاقُ , وَخَلَائِقُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ) . 

ولقد جاءت السنة النبوية ببيان فضله , وذكر منزلته , وتوضيح مزيته . 
فقد كان الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يتحرى صيامه كما في البخاري (2006) , ومسلم (1132 ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ . 

وأمر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بداية الأمر بصيامه فيما ثبت عند البخاري (3942) عَنْ أَبِي مُوسَى ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ , ثم نسخ الأمر «مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»كما تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ في المتفق عليه عند البخاري (1592) , مسلم (1125) .

ويظهر أن شرف هذا اليوم يرجع إلى أكثر من سبب :
أحدها : أن صيامه من بقية ملة إبراهيم . ولهذا كانت قريش، وأهل الجاهلية يصومونه، ويعظمونه، ووافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي ؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ. فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ ) رواه البخاري 

الثاني : لكونه من أيام الله المشهودة ! لما روى ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: (مَا هَذَا؟) قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: ( فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ) رواه البخاري . وفي رواية : ( فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ فَقَالَ أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ )

ومن علو منزلته عند الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يصوّمون فيه صبيانهم تعويداً لهم على الفضل فقد ورد في الصحيحين عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: ( مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ ) قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ . أنظرصحيح
البخاري (1960) , ومسلم (1136) .

وكون عاشوراء من أيام شهر الله المحرم , يعطيه فضلاً زيادة على فضائله .

صيام عاشوراء يكفر سنة .
ففي صحيح مسلم (1162) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ـ رضي الله عنه ـ أن رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قال : « وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». 

سبب صوم النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لعاشوراء .
ذكرت فيما سبق ما رواه البخاري (2004 ) , ومسلم : (1130) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ : «أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ» فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . 


وبالجملة فقد ورد عن السلف إن أفضل أيام شهر محرم هي: العشر الأوائل منه 

"قال أبو عثمان النهدي: كان السلف يُعظمون ثلاث عشرات - أي من الأيام - :
العشر الأول من ذي الحجة،
والعشر الأخير من رمضان،
والعشر الأول من المحرم ".أ.هـ
(( كتاب لطائف المعارف ص 53 ))

وهذا الشهر " شهر محرَّم" هو أحد الأشهر الحُرُم الذي ذكرها الله تعالى في قوله: ﴿إن عِدَّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرُم﴾

قال ﷺ: (السَنَة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حُرُم: ثلاثٌ متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان) متفق عليه.

ومن خصائص شهر محرَّم أن النبي ﷺ سمَّاه شهر الله، قال ﷺ: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله الذي تدعونه المُحَرَّم) رواه مسلم.
قال الإمام ابن رجب: وقد سمَّاه النبي ﷺ شهر الله، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله.

ومن الحديث السابق نستفيد فائدة مهمة، هي استحباب صيام شهر محرَّم، فهو أولى الشهور بصيام التطوع، فالسُّنَّة الإكثار من الصوم فيه، وآكد أيامه يوم عاشوراء كما تقدم.

وأفضل الصيام في هذا الشهر وآكده هو صيام يوم عاشورا ويستحب معه صيام التاسع ..
فعن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : (مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ. رواه البخاري. وقال : ( صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم .
هكذا يحتفي أهل الإيمان الصادق بشعائر الله، شكراً، وتعظيماً، وصوماً .
بخلاف المطموسين من أهل البدع والأهواء الذين أفسدوا هذه المناسبة العظيمة، فأحالوها إلى لطمٍ، وشتمٍ، وضرب قامات، ونواح، وعويل، يشوه الدين، ويشين العقيدة .
وسبحان الله ! قد علم كل أناس مشربهم
منقول بتصرف
والله أعلم 
والحمدلله رب العلمين

الأحد، 3 سبتمبر 2017

المسائل التي ادُّعِيَ فيها الإجماع والتحقيق خلافه جمعا وترتيبا

ـ المسائل التي ادُّعِيَ فيها الإجماع والتحقيق خلافه جمعا وترتيبا.


ـ دعوى اتفاق العلماء على عدم استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء:
ـ قال الحافظ في الفتح: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْقَدْر الْمُسْتَحَبّ مِنْ التَّطْوِيل فِي التَّحْجِيل فَقِيلَ : إِلَى الْمَنْكِب وَالرُّكْبَة ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رِوَايَة وَرَأْيًا . وَعَنْ اِبْن عُمَر مِنْ فِعْله أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة ، وَأَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ حَسَن ، وَقِيلَ الْمُسْتَحَبّ الزِّيَادَة إِلَى نِصْف الْعَضُد وَالسَّاق ، وَقِيلَ إِلَى فَوْق ذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن بَطَّال وَطَائِفَة مِنْ الْمَالِكِيَّة : لَا تُسْتَحَبّ الزِّيَادَة عَلَى الْكَعْب وَالْمِرْفَق لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ " وَكَلَامهمْ مُعْتَرَض مِنْ وُجُوه ، وَرِوَايَة مُسْلِم صَرِيحَة فِي الِاسْتِحْبَاب فَلَا تَعَارُض بِالِاحْتِمَالِ . وَأَمَّا دَعْوَاهُمْ اِتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى خِلَاف مَذْهَب أَبِي هُرَيْرَة فِي ذَلِكَ فَهِيَ مَرْدُودَة بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ اِبْن عُمَر ، وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ جَمَاعَة مِنْ السَّلَف وَأَكْثَر الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة .انتهى.





ـ مسألة: وُجُوبِ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد التَّشَهُّد:
ـ قال الحافظ في الفتح:وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ أَيْضًا بِوُجُوبِ الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد التَّشَهُّد ، وَادَّعَى أَبُو الطَّيِّب الطَّبَرِيُّ مِنْ أَتْبَاعه وَالطَّحَاوِيُّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ لَمْ يُسْبَق إِلَى ذَلِكَ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى نَدْبِيَّتِهَا بِحَدِيثِ الْبَاب مَعَ دَعْوَى الْإِجْمَاع ، وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ وَرَدَ عَنْ أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر وَالشَّعْبِيّ وَغَيْرهمَا مَا يَدُلّ عَلَى الْقَوْل بِالْوُجُوبِ . وَأَعْجَب مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ صَحَّ عَنْ اِبْنِ مَسْعُود رَاوِي حَدِيث الْبَاب مَا يَقْتَضِيه ...انتهى.





ـ مسألة: كَرَاهَةِ مَسْح اَلْحَصَى وَغَيْره فِي اَلصَّلَاةِ.
ـ قال الحافظ في الفتح: وَحَكَى اَلنَّوَوِيّ اِتِّفَاق اَلْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ مَسْح اَلْحَصَى وَغَيْره فِي اَلصَّلَاةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى اَلْخَطَّابِيّ فِي " اَلْمَعَالِمِ " عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا وَكَانَ يَفْعَلُهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ اَلْخَبَرُ. انتهى.





ـ دَعْوَى الْإِجْمَاع على أن الطيب للجمعة مستحب:
ـ قال في الفتح: وَقَالَ اِبْنُ الْمُنِير فِي الْحَاشِيَة : إِنْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَاد بِالْوَاجِبِ الْفَرْض لَمْ يَنْفَع دَفْعه بِعِطْفِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلْقَائِلِ أَنْ يَقُول : أُخْرِجَ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْل ، وَعَلَى أَنَّ دَعْوَى الْإِجْمَاع فِي الطِّيب مَرْدُودَة ، فَقَدْ رَوَى سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يُوجِب الطِّيب يَوْم الْجُمُعَة وَإِسْنَاده صَحِيح ، وَكَذَا قَالَ بِوُجُوبِهِ بَعْض أَهْل الظَّاهِر . انتهى.





ـ مسألة هل يشترط القبول في الهبة والهدية:
ـ قال الحافظ في الفتح: قَوْله : ( بَاب إِذَا وَهَبَ هِبَة فَقَبَضَهَا الْآخَر وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت ) أَيْ جَازَتْ ، وَنَقَلَ فِيهِ اِبْن بَطَّال اِتِّفَاق الْعُلَمَاء ، وَأَنَّ الْقَبْض فِي الْهِبَة هُوَ غَايَة الْقَبُول ، وَغَفَلَ رَحِمَهُ اللَّه عَنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّة يَشْتَرِطُونَ الْقَبُول فِي الْهِبَة دُون الْهَدِيَّة ، إِلَّا إِنْ كَانَتْ الْهِبَة ضِمْنِيَّة كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدك عَنِّي فَعَتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكه هِبَة وَيُعْتَق عَنْهُ وَلَا يُشْتَرَط الْقَبُول ، وَمُقَابِل إِطْلَاق اِبْن بَطَّال قَوْل الْمَاوَرْدِيّ : قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُول فِي الْهِبَة كَالْعِتْقِ ، قَالَ : وَهُوَ قَوْل شَذَّ بِهِ عَنْ الْجَمَاعَة وَخَالَفَ فِيهِ الْكَافَّة إِلَّا أَنْ يُرِيد الْهَدِيَّة فَيُحْتَمَل ا هـ عَلَى أَنَّ فِي اِشْتِرَاط الْقَبُول فِي الْهَدِيَّة وَجْهًا عِنْد الشَّافِعِيَّة .انتهى.





ـ فائدة: قد يُعتَذَرُ عمَّن أطلقَ حكاية الاتفاق باحتمال كونه قصد الاتفاق المذهبي ولذلك نظائر منها:
ـ قال الحافظ في الفتح شرح باب طُولِ السُّجُودِ فِي الْكُسُوفِ :
ـ ( تَنْبِيه ) :وَقَعَ فِي حَدِيث جَابِر الَّذِي أَشَرْت إِلَيْهِ عِنْد مُسْلِم تَطْوِيل الِاعْتِدَال الَّذِي يَلِيه السُّجُود وَلَفْظه " ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ ، ثُمَّ سَجَدَ " وَقَالَ النَّوَوِيّ : هِيَ رِوَايَة شَاذَّة مُخَالِفَة فَلَا يُعْمَل بِهَا أَوْ الْمُرَاد زِيَادَة الطُّمَأْنِينَة فِي الِاعْتِدَال لَا إِطَالَته نَحْو الرُّكُوع ، وَتُعُقِّبَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَغَيْرهمَا ، مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَيْضًا فَفِيهِ " ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ حَتَّى قِيلَ لَا يَرْفَع ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ حَتَّى قِيلَ لَا يَسْجُد ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ حَتَّى قِيلَ لَا يَرْفَع ، ثُمَّ رَفَعَ فَجَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوس حَتَّى قِيلَ لَا يَسْجُد ، ثُمَّ سَجَدَ " لَفْظ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ ، وَالثَّوْرِيُّ سَمِعَ مِنْ عَطَاء قَبْل الِاخْتِلَاط فَالْحَدِيث صَحِيح ، وَلَمْ أَقِف فِي شَيْء مِنْ الطُّرُق عَلَى تَطْوِيل الْجُلُوس بَيْن السَّجْدَتَيْنِ إِلَّا فِي هَذَا ، وَقَدْ نَقَلَ الْغَزَالِيّ الِاتِّفَاق عَلَى تَرْك إِطَالَته ، فَإِنْ أَرَادَ الِاتِّفَاق الْمَذْهَبِيّ فَلَا كَلَام ، وَإِلَّا فَهُوَ مَحْجُوج بِهَذِهِ الرِّوَايَة .انتهى.
ـ مسألة الحلف بعهد الله:
ـ قال الحافظ في الفتح: وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : مَنْ حَلَفَ بِالْعَهْدِ فَحَنِثَ لَزِمَهُ الْكَفَّارَة سَوَاء نَوَى أَمْ لَا عِنْد مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَن وَالشَّعْبِيّ وَطَاوُسٌ وَغَيْرهمْ . قُلْت : وَبِهِ قَالَ أَحْمَد . وَقَالَ عَطَاء وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد : لَا تَكُون يَمِينًا إِلَّا إِذَا نَوَى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل كِتَاب الْإِيمَان النَّقْل عَنْ الشَّافِعِيّ فِيمَنْ قَالَ أَمَانَة اللَّه مِثْله ، وَأَغْرَبَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَادَّعَى اِتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى ذَلِكَ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مِنْ الشَّافِعِيَّة وَمَعَ ذَلِكَ فَالْخِلَاف ثَابِت عِنْدهمْ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْره عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْمَرْوَزِيُّ .. انتهى.




المسائل التي ادُّعِيَ فيها إجماع أو عمل أهل المدينة والتحقيق خلافه:




ـ دعوى إجماع أهل المدينة على منع التطيب عند إرادة الإحرام:
ـ قال الحافظ في الفتح: وَاعْتَذَرَ بَعْض الْمَالِكِيَّة بِأَنَّ عَمَل أَهْل الْمَدِينَة عَلَى خِلَافه ، وَتُعُقِّبَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام أَنَّ سُلَيْمَان بْن عَبْد الْمَلِك لَمَّا حَجَّ جَمَعَ نَاسًا مِنْ أَهْل الْعِلْم - مِنْهُمْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَخَارِجَة بْن زَيْد وَسَالِم وَعَبْد اللَّه اِبْنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث - فَسَأَلَهُمْ عَنْ التَّطَيُّب قَبْلَ الْإِفَاضَة ، فَكُلّهمْ أَمَرَ بِهِ . فَهَؤُلَاءِ فُقَهَاء أَهْل الْمَدِينَة مِنْ التَّابِعِينَ قَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ ، فَكَيْفَ يُدَّعَى مَعَ ذَلِكَ الْعَمَل عَلَى خِلَافه .انتهى.