السبت، 1 أغسطس 2015

الفرق بين صفات المعاني و المعنوية عند الأشاعرة

بسم الله الرحمن الرحيم

ماالفرق بين صفات المعاني و المعنوية عند الأشاعرة ؟


إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

قال شيخ الإسلام : اعلم أن المذهب إذا كان باطلا فى نفسه لم يمكن الناقد له أن ينقله على وجه يتصور تصورا حقيقيا فإن هذا لا يكون إلا للحق فأما القول الباطل فإذا بين فبيانه يظهر فساده حتى يقال كيف اشتبه هذا على أحد ويتعجب من اعتقادهم إياه ولا ينبغى للإنسان أن يعجب فما من شىء يتخيل من أنواع الباطل إلا وقد ذهب إليه فريق من الناس .

مجموع الفتاوى (2|145)

مما هو معلوم أن المعتزلة يثبتون الأسماء وينفون الصفات فيقولون عليم بلا علم سميع بلا سمع بصير بلا بصر .

حتى جاء أبو هاشم الجبائي فأثبت للصفات أحوالا فقال : كونه عالما سميعا بصيرا إلخ .

وهذه الكينونية لا تفيد شيئا وجوديا وإنما هو شيء قائم بالذهن ليس له حقيقة ؛ فالأحوال عنده مرتبة بين الوجود والعدم ؛ أي أمر اعتباري تعلقي فقط .

ولذلك احتار المتكلمون في تفسير الحال عند أبي هاشم ولذلك قال الشهرستاني في تعريف الحال : أما بيان الحال وما هو أعلم أنه ليس للحال حد حقيقي يذكر حتى نعرفها بحدها وحقيقتها على وجه يشمل جميع الأحوال فإنه يودي إلى إثبات الحال للحال بل لها ضابط وحاصر بالقسمة وهي تنقسم إلى ما يعلل وإلى ما لا يعلل وما يعلل فهي أحكام لمعان قائمة بذوات وما لا يعلل فهو صفات ليس أحكاماً للمعاني.

أما الأول فكل حكم لعلة قامت بذات يشترط في ثبوتها الحياة عند أبي هاشم ككون الحي حياً عالماً قادراً مريداً سميعاً بصيراً لأن كونه حياً عالماً يعلل بالحياة والعلم في الشاهد فتقوم الحياة بمحل وتوجب كون المحل حياً وكذلك العلم والقدرة والإرادة وكل ما يشترط في ثبوته الحياة وتسمى هذه الأحكام أحوالاً وهي صفات زائدة على المعاني التي أوجبتها.

نهاية الإقدام (45)

وقال الباقلاني : كل صفة لموجود لا تتصف بالوجود فهي حال سواء كان المعنى الموجب مما يشترط في ثبوته الحياة أو لم يشترط ككون الحي حياً وعالماً وقادراً وكون المتحرك متحركاً والساكن ساكناً والأسود والأبيض إلى غير ذلك .

نهاية الإقدام (45)

وقال الإيجي : هو الواسطة بين الموجود والمعدوم .

المواقف (1|279)

انتقال نظرية الأحوال إلى الأشاعرة

وقد انتقلت نظرية الأحوال إلى مذهب الأشاعرة فقال بها بعض علماء الأشاعرة 

يقول الإيجي : وقد أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي منا وأبو هاشم من المعتزلة .

المواقف (1|279)

وقد قسم الأشاعرة الصفات 

1ـ صفات معاني .

2ـ الصفات المعنوية.

3 ـ الصفات السلبية .

4 ـ الصفة النفسية .

فصفات المعاني : ما دل علي معنى وجودي قائم بالذات , وهي الصفات السبع :

الحياة , والعلم , والقدرة , والإرادة , والبصر , والكلام , والسمع .

والصفات المعنوية : كونه حياً , عليماً , قديراً , مريداً , سميعاً , بصيراً , متكلماً

وهذه الصفات المسماة بالمعنوية هي نظرية الأحوال عند أبي هاشم المعتزلي .

وقالوا : الفرق بين المعاني والمعنوية أن المعاني وجودية تعقل ذهنا وخارجا، والمعنوية ثبوتية تعقل ذهنا لا خارجا.

تهذيب شرح السنوسية (43)

فقيام المعاني بالذات أمر اعتباري ! .

وتفسير صفة بين الوجود والعدم أمر لايقبله العقل فضلا عن تفسيره .

ولذلك قال السلف : عجائب الكلام التي لا حقيقة لها ثلاثة طفرة النظام وأحوال أبي هاشم وكسب الأشعري وأنشد في ذلك :

مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام 

الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام .

منهاج السنة (1|459)

وقد اشتد إنكار ابن حزم على يقول بالأحوال فقال : وأما الأحوال التي ادعتها الأشعرية فإنهم قالوا إن ها هنا أحوالا ليست حقا ولا باطلا ولا هي مخلوقة ولا غير مخلوقة ولا هي موجودة ولا معدومة ولا هي معلومة ولا هي مجهولة ولا هي أشياء ولا هي لا أشياء .. .

الفصل في الملل (5|31)

وكذلك مؤدى هذا القول أنه لا فرق بين الصفات المعاني والصفات المعنوية ؛ وإن زعموا التفريق .

ولهذا التناقض البين في هذه المسألة رفض بعض محققيهم القول بالصفات المعنوية لأن مؤداه القول بالأحوال يقول الإيجي : وبطلانه ضروري لما عرفت أن الموجود ماله تحقق والمعدوم ما ليس كذلك ولا واسطة بين النفي والإثبات في شيء من المفهومات ضرورة واتفاقا .

المواقف (1|279)

وقال البيجوري : لأن عد الصفات المعنوية إنما يتمشى على قول مثبت الأحوال – جمع حال – وهي صفة لا موجودة ولا معدومة بل واسطة بين الوجود والعدم وعليه جرى السنوسي في الصغرى حيث قال : وكونه قادرا ..الخ والمختار عند المحققين أنه لا حال وأن الحال محال .

تحفة المريد (89)


- قول أبي هاشم في الأحوال - وهو أول من قال بها من أهل الكلام عموما- يختلف عن قول أبي بكر الباقلاني- وهو أول من قال بها من الأشاعرة-.


حيث يرى الباقلاني أن الحال -سواءا كانت صفة أو حكما- هي معلومة ، أما أبو هاشم فيرى أنها ليست بمعلومة ولا مجهولة كقوله بأنها لا موجودة ولا معدومة.


- والجويني حكى رجوعه شيخ الإسلام ابن تيمية عن القول بالأحوال كسائر الأشاعرة، وأما الباقلاني فقد حكى الجويني نفسه رجوع أبي بكر عنها.


1- أنعم شار العلماء إلى هذا الخلاف في تعريف الأحوال بين أبي هاشم المعتزلي وبين الباقلاني 

ولكن الخلاف والله أعلم صوري وليس حقيقي وإليه أشار الباقلاني نفسه

يقول الباقلاني في التمهيد : وإن كانت هذه الحال معلومة، وجب أن تكون إما موجودة أو معدومة، فإن كانت معدومة استحال أن توجب حكماً وأن تتعلق بزيد دون عمرو، ويالقديم دون المحدث، وإن كانت موجودة وجب أن تكون شيئاً وصفة متعلقة بالعالم، وهذا قولنا الذي نذهب إليه إنما يحصل الخلاف في العبارة وفي تسمية هذا الشيء علماً أو حالاً، وليس هذا بخلاف في المعنى فوجب صحة ما نذهب إليه في إثبات الصفات .

موقف ابن تيمية من الأشاعرة (3|548)

والدليل على ذلك أيضا أن الباقلاني عرف الحال كما تقدم 

: كل صفة لموجود لا تتصف بالوجود... .

فالمؤدى واحد مما حدا بالإيجي أن يقول : وقد أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي منا وأبو هاشم من المعتزلة .

المواقف (1|279)

كما تقدم بل وعرفه بقوله :هو الواسطة بين الموجود والمعدوم .

المواقف (1|279)

ولذلك قال البيجوري : لأن عد الصفات المعنوية إنما يتمشى على قول مثبت الأحوال – جمع حال – وهي صفة لا موجودة ولا معدومة بل واسطة بين الوجود والعدم وعليه جرى السنوسي في الصغرى حيث قال : وكونه قادرا ..الخ والمختار عند المحققين أنه لا حال وأن الحال محال .

تحفة المريد (89)


وأما رجوع الباقلاني والجويني فلا يأخر ولا يقدم لأن هذه العقيدة لا تزال مسطرة في بعض كتبهم؛ وإن أشاروا إلى رجوع الباقلاني والجويني .

والمقصد بيان تناقضهم وتذبذبهم .

والله أعلم


وقال الشهرستاني - وهو من الأشاعرة - :وقال أبو هاشم العالمية حال والقادرية حال ومفيدهما حال يوجب الأحوال كلها فلا فرق في الحقيقة بين أصحاب الأحوال وبين أصحاب الصفات إلا أن الحال متناقض للصفات إذ الحال لا يوصف بالوجود ولا بالعدم والصفات موجودة ثابتة قائمة بالذات .

نهاية الإقدام (67)


باعتقادي أن له أثر وفرق ، حيث إنه من يقول بالأحوال وهو مثبت للصفة فهو في حقيقة أمره مثبت للصفات لا للأحوال.


واضطراب أبي هاشم في الأحوال -وهو لا يثبت الصفات- هو غير حقيقي ومؤثر.


بمعنى آخر:


أن الباقلاني في الأحوال يثبت شيئًا هو في حقيقته إثبات للصفات.


لكن أبا هاشم لا يثبت شيئًا، وإن دار حول مسألة الحكم والشيء بكلام لا تفهمه العقول.


وليست بهذه منقبة للباقلاني حينما نقول إنه يثبت بالأحوال شيئًا.



يقول إبراهيم المارغني في شرحه على أرجوزة "الشذرات البهية على العقائد الشرنوبية" لعبد المجيد الشرنوبي : 


((وفي ثبوتها - أي السبعة المعنوية - و نفيها خلاف بين علماء هذا الفن، فقال بعضهم بثبوتها وأنها من باب الحال أي الواسطة بينهما المسماة عند القائل بها حالاً، وعلى هذا القول لا يستغنى بالمعاني عن المعنوية، لأن المعنوية عليه أحوال أي صفات في الخارج عن الذهن ليست بموجودة ولا بمعدومة قائمة بذاته تعالى زائدة على قيام المعاني بها. 

وقال الإمام الأشعري والجمهور بنفي المعنوية أي نفي زيادتها عن المعاني و أنه لا حال وهو القول الصحيح. وعليه يستغنى بالمعاني عن المعنوية لأن المعنوية حينئذ هي نفس قيام صفات المعاني بالذات وهو ليس بصفة بل هو أمر إعتباري أي لا ثبوت له في الخارج عن الذهن، فكونه عالما نفس قيام العلم بذاته تعالى لا أمر زائد عليه وهكذا الأكوان الباقية (...) وعلم مما قررناه أن المراد بنفي المعنوية على القول به نفي زيادتها على قيام صفات المعاني بالذات لا إنكار المعنوية من أصلها لأنه مجمع على وجوبها لله سبحانه و تعالى و إنكاره كفر كما صرّحوا به وأدلّة وجوبها له تعالى هي أدلة وجوب المعاني له، إذ المعنوية لازمة للمعاني والمعاني ملزومة لها وإذا ثبت الملزوم ثبت اللاّزم...))انتهى


فهل يقال إذن أنّ الصفات المعنوية عندهم ليست حالا، وهي لازمة للمعاني (فكونه تعالى حيّا لازم للحياة وكونه مريدا لازم للإرادة..) ولا يجوز إنكارها - أي المعنوية - من أصلها ولكن نفي زيادتها على قيام صفات المعاني بالذات!؟


الصفات المعنوية عند الأشاعرة غير المعاني بالثانية هم فارقوا المعتزلة الذين لا يثبتون الصفات

فالمعاني :العلم والحياة والسمع والبصر ...الخ

المعتزلة يقولون عليم بلا علم سميع بلا سمع ..

والأشاعرة يقولون عليم وله صفة العلم سميع وله صفة السمع

أما الصفات المعنوية عندهم وهي الكينونية ؛ كونه مريدا كونه سميعا كونه بصيرا ...

فهي فقط قائمة في الذهن لا حقيقة لها خارج الذهن - خارج الذهن - فهم في الحقيقة لم يثبتوا شيئا 

لذلك قالوا :والفرق بين المعاني والمعنوية أن المعاني وجودية تعقل ذهنا وخارجا، والمعنوية ثبوتية تعقل ذهنا لا خارجا.

تهذيب شرح السنوسية (43)

وخصوصا أن هذه الكينونية لغة يفهم منها الاستمرارية والتجدد وهذا يردونه بشدة ولا يقبلونه .

فإذا قلنا أن الأشاعرة يثبتون الصفات وبذلك فارقوا المعتزلة - سلمنا جدلا -

-نقول جدلا لأن مرجع هذه الصفات التي يثبتونها باستثناء الحياة إلى العلم وليس إلى صفات حقيقية كما مر ذلك في مقال سابق- .

فهم فارقوا المعتزلة بالمعاني وليس المعنوية لأنهم لم يثبتوا في الحقيقة شيئا في المعنوية التي مردها إلى الأحوال .

وهذا هو الفرق الدقيق .


الاشاعرة في الحقيقة لا يفرقون بين صفات المعاني و المعنوية الا تفريقا صوريا اضطرهم اليه الخطاب الشرعي

وقول السلف سميع بسمع بصير ببصر........

ولهذا اضطرب السنوسي في شرحه للهداية عندما تعرض للتفريق بينهما ولم يصل للفرق


الاشاعرة هم المؤولة، أرادوا الهروب من مذهب المعتزلة لكنهم لم يهتدوا إلى المذهب الحقّ، مذهب أهل السنّة والجماعة..فاضطربوا في كتاباتهم فتارة يثبتون وينفون تارة أخرى، وإن لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً إخترعوا لفظاً كما هو الحال معهم في لفظ "الكسب"..

فهم أرادوا أن يوَفِّقوا فلفَّقوا فلم يوَفَّقوا..والله الموفِّق


الذي يبدو لي و الله أعلم من نص الامام الباقلاني أنه يستغل قول القائلين بالأحوال لجرهم الى القول بمعاني الصفات التي أنكروها و انها هي هي...لا أنه هو نفسه يقول بالأحوال..أي يلزمهم استحالة خروج الأحوال عن أن تكون معلومة او غير معلومة ..فان تبث انها معلومة ألزمهم أنها موجودة...و ان التزموا ذلك فلم يبق الا أنها نفس معاني الصفات التي أنكروها قبلا..فان صح ما أرى فهي طريقة ذكية في المحاورة..أن لا تجابه خصمك بانكار مصطلحاته أولا..بل تفرغها من محتواها بابراز التناقضات الواقعية فيها..و تدفعه ان يملأها بالمعنى الواقعي الوحيد الموجود..و ليسمها بعد ذلك أحوالا او معاني او صفاتا...و لهذا قال رحمه الله وهذا قولنا الذي نذهب إليه إنما يحصل الخلاف في العبارة وفي تسمية هذا الشيء علماً أو حالاً، وليس هذا بخلاف في المعنى فوجب صحة ما نذهب إليه في إثبات الصفات


انتهى نقلاً من المنتدى المبارك

 منتدى أهل الحديث

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=162641

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق